سليم لواحي ــ خريبكة
يُعد فيلم ذاكرة la paz من إخراج أحمد زركان ويونس بوحمالة عملًا سينمائيًا مثيرًا للاهتمام، وقد حاز في مهرجان خريبكة الدولي للفيلم الوثائقي على تنويه لجنة التحكيم، حيث تناول قضية الذاكرة الجماعية في سياق مغربي تاريخي واجتماعي.
الفيلم الذي يمتد على مدار 59 دقيقة يعكس توترًا بين الماضي والحاضر، محاولًا استكشاف الأبعاد الثقافية والاجتماعية المرتبطة بتشكيل الهوية المغربية. من خلال هذه الرؤية، يمكن قراءة الفيلم قراءة ترتكز على ثلاث محاور رئيسية: السرد الفني، الإطار الثقافي والاجتماعي، وأهمية الفيلم.
يمتاز الفيلم بسرد غني يُبرز قدرة المخرجين على تقديم صورة شاملة ومعمقة حول موضوع الذاكرة. من خلال الانتقال بين الماضي والحاضر، يستخدم الفيلم تقنيات سينمائية تُبرز التوترات النفسية والتاريخية التي تعيشها الشخصيات. ومع ذلك، يمكن ملاحظة أن السرد يعاني من بعض الإطالة في معالجة الأفكار.
فبينما يمنح هذا الطول فرصة للتعمق في التفاصيل، قد يشعر بعض المشاهدين بأن الإيقاع العام للفيلم يتأثر، مما يؤدي إلى فقدان عنصر التشويق في بعض المشاهد.
يشكل الفيلم انعكاسًا واضحًا لأهمية الذاكرة في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المغربي.
يتناول العمل موضوعات مثل الصراعات التاريخية وتأثيرها على الوعي الجماعي، وهو ما يضع الفيلم في سياق ثقافي عميق.
يظهر هذا البعد من خلال الشخصيات التي تسعى لفهم ماضيها، وكذلك من خلال الصور التي تُبرز أماكن وأحداث ترتبط بالذاكرة الوطنية. ويُظهر الفيلم كيف أن الذاكرة ليست مجرد استرجاع للأحداث، بل هي عنصر حيوي يساهم في بناء الهويات الفردية والجماعية.
يُعتبر فيلم ذاكرة la paz إضافة فريدة للمشهد السينمائي المغربي والعربي، حيث يقدم تجربة فنية تتجاوز حدود السرد التقليدي لتطرح أسئلة عميقة حول دور الذاكرة في الحياة اليومية. هذه الأسئلة تُعزز من القيمة الفكرية للفيلم وتجعله عملًا محفزًا للتأمل والحوار، كما أن الفيلم يُبرز قدرة السينما المغربية على تقديم قضايا معقدة بطريقة تدمج بين التوثيق والإبداع الفني.
يُظهر فيلم ذاكرة la paz أن الذاكرة الجماعية ليست مجرد موضوع للبحث أو الدراسة، بل هي تجربة حية تشكل وجدان الأفراد والمجتمعات.
وبينما قد يُلاحظ بعض التحديات في السرد، يظل الفيلم تجربة مميزة تُضيف بُعدًا فكريًا وفنيًا للمشهد السينمائي المغربي. إنه دعوة للتأمل في دور الماضي في تشكيل الحاضر والمستقبل، ونافذة على عمق الهوية الثقافية المغربية.