الواجهةرياضة

أولمبيك خريبكة في زمن الانهيار: بلاغ من سبع صفحات… ولا خطة للعودة

إدريس سحنون – المقال المغربي

أصدر رئيس أولمبيك خريبكة لكرة القدم بلاغا مطولا من سبع صفحات، حاول من خلاله تقديم رواية شاملة لانهيار الفريق ونزوله المهين إلى القسم الوطني هواة، في سابقة مؤلمة لتاريخ ناد حمل مشعل الكرة الوطنية لعقود ودون اسمه في سجل الأبطال.

البلاغ، وإن حمل صيغة اعتذار صريح للجماهير الخريبكية، لم ينج من الانتقادات بسبب طبيعته التبريرية، وخلوه من أي خطة أو تصور استراتيجي يعيد الأمل لمكونات الفريق المنهك.

وسعى البلاغ لتفصيل الأسباب التي أدت إلى السقوط الحر، متحدثا عن أزمة مالية خانقة، وغياب الاستقرار الإداري والفني، وتأثير التدخلات الخارجية التي زعزعت السير الطبيعي للفريق.

كما حمل، بشكل غير مباشر، المسؤولية لتجارب تسييرية سابقة، وخص بالذكر المرحلة الممتدة بين 2021 و2023، التي وصفها بـ”العشوائية”، نتيجة قرارات مرتجلة، وتعاقدات فاشلة، وتغييب للرؤية، فضلا عن التفريط في أبناء النادي واستبعاد الكفاءات.

ورغم هذا الإسهاب، افتقر البلاغ إلى أهم ما كانت تنتظره جماهير أولمبيك خريبكة: خريطة طريق واضحة تعكس نية حقيقية في الإنقاذ والتصحيح. فبين ثنايا الصفحات السبع، لم يرد أي مشروع متكامل، أو أهداف مرحلية، أو أسماء لمكاتب دراسات أو خبراء تقنيين أو شركاء ماليين يمكن أن يشكلوا نواة لإعادة بناء الفريق. ومع أن الفريق اندحر إلى قسم الهواة، إلا أن البلاغ لم يظهر أي إدراك لحجم المأساة، ولم يطرح حلولا عملية لمعضلة العودة الصعبة إلى القسم الثاني، المعروف بقوته وتعقيداته.

قانونيا، يطرح البلاغ إشكالا في غياب الإشارة إلى أي تقارير افتحاص مالي أو جموع عامة تقييمية كما ينص على ذلك القانون 30.09، مما يبقي عمل المكتب محاطا بشبهات غياب الشفافية وضعف آليات الحكامة. كما أن الحديث عن “جهات خارجية” دون تسميتها بدقة يفتح الباب أمام التأويل دون أن يعفي المسؤولين الحاليين من المحاسبة.

على المستوى الرياضي، أقر البلاغ بحصيلة صادمة على رأسها تغيير 16 مدربا في ست سنوات، ما يؤكد غياب الاستقرار، وانعدام مشروع رياضي متراكم. هذا المعطى وحده يكشف أن الفريق كان يدار بمنطق التجريب والارتجال، بعيدا عن أي سياسة تكوينية أو تدبير عقلاني للموارد البشرية والمالية.

الجماهير الخريبكية، التي ذكرت في البلاغ كطرف مدعو للدعم والمؤازرة، كانت في الواقع الحائط الوحيد الذي لم ينهر. احتجت، طالبت، دافعت، ورافقت الفريق في محنه، ولم تنصف في الخطاب الرسمي الذي تجاهل دورها الحيوي، كما تجاهل مطالبها المتكررة بالإصلاح وفتح أبواب النادي أمام كفاءات المدينة.

يبقى البلاغ، رغم طوله، عاجزا عن ملامسة جوهر الأزمة. لم يحمل وعودا بمحاسبة فعلية، ولم يفتح الباب لبدائل. بدا كأنه شهادة على نهاية مرحلة أكثر منه إعلانا عن بداية جديدة.

المرحلة القادمة تتطلب ما هو أكثر من الكتابة؛ تتطلب الشجاعة في التغيير، والإرادة في الترميم، والجرأة في الكشف عن مكامن الخلل، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ولأن الأمل لا يصنعه بلاغ ولا تنهض به الكلمات، فإن الوقت قد حان لفتح نقاش صريح وعمومي حول مستقبل الفريق.

الأمر لم يعد شأنا داخليا يخص المكتب المسير وحده، بل قضية رأي عام محلي تستدعي تعبئة شاملة، يتحمل فيها الجميع مسؤوليته: سلطات، جماعة ترابية، فعاليات اقتصادية، كفاءات رياضية، وجمهور محب. فإما أن تنهض خريبكة بفريقها، أو تتركه وحيدا في عزلة الهواة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى