
إدريس سحنون-المقال المغربي
في مشهد جديد من المشاهد البصرية التي تعد بها مدينة خريبكة كلما اقترب الصيف، رفعت مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية الستار عن لائحة لجان التحكيم التي سترافق فعاليات الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية، المرتقب تنظيمه من 21 إلى 28 يونيو 2025، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
فالدورة الجديدة، التي تستعد لأن تعيد وهج الشاشة الإفريقية إلى قاعات العرض، تراهن على تقديم باقة مختارة من أحدث الإنتاجات السينمائية في القارة السمراء، حيث يتنافس 15 فيلما طويلا و15 فيلما قصيرا، يعرض معظمها لأول مرة في المغرب، ما يمنح المتلقي تجربة سينمائية طازجة ومغايرة.
ومن بين أبرز اللمسات التنظيمية التي كشفت عنها المؤسسة، تشكيل لجنة تحكيم الفيلم الإفريقي الطويل التي يرأسها السينمائي الرواندي جويل كاريكزي، صاحب البصمة الإبداعية في أفلام أعادت كتابة سرديات ما بعد النزاعات في إفريقيا.
إلى جانبه، يقف كل من السينمائي المغربي محمد عهد بنسودة، المشبع برؤية بصرية ترتكز على الهوية، والممثلة والصحافية المالية فاتوماتا كوليبالي، بصوتها النسائي الإفريقي القوي، والسينمائي البوروندي ليونس نكابو، والسينمائي السنغالي كلارنس توماس ديلغادو، وكلهم يحملون رؤى متقاطعة عن القارة، مختلفة في الزوايا، موحدة في الشغف. هذه اللجنة ستمنح ست جوائز تحمل أسماء أعمدة من أعمدة السينما والثقافة الإفريقية، بينها الجائزة الكبرى “عثمان صامبين”، وجائزة لجنة التحكيم “نور الدين الصايل”، مرورا بجائزة السيناريو “إدريس ويدراووغو” وجائزة النقد “سمير فريد”، وصولا إلى جائزتي الأداء التمثيلي، “أمينة رشيد” و”محمد بسطاوي”.
وإذا كانت هذه اللجنة تنظر إلى الصورة من زاوية الإبداع الطويل، فإن لجنة الفيلم الإفريقي القصير تلتقط لحظة السينما المكثفة بعدستها الخاصة، برئاسة الإعلامي والناقد المغربي بلال مرميد، الذي يحمل إلى الطاولة طاقة تحليلية حادة وذوقا بصريا متمردا. يرافقه الممثل التشادي يوسف دجاورو، بتجربته الميدانية الثرية، ومديرة مهرجان سينما المرأة في مالي ديارا مولدي، التي تنقل معها نبض سينما الهامش والمرأة. ثلاثي النقد والتجربة هذا سيمنح جائزتين تحملان بصمة رائدة: الجائزة الكبرى “نجيب عياد”، وجائزة لجنة التحكيم “بولان صومانو فييرا”.
ولأن المهرجان لا يكتفي بمرآة العرض، بل يسعى لتعدد زوايا النظر، فقد اختار أن يرافق مسابقاته الرسمية بلجان تحكيم ثقافية موازية، تشكل بمجموعها فسيفساء نقدية إفريقية فريدة،حيث تجمع لجنة الأندية السينمائية، مثلا، بين التونسي صابر بنرحمون والمغربي رشيد زكي والطوغولي دانييل اتشالي، فيما تتقاطع رؤى المهرجانات الإفريقية من خلال لجنة تضم البوركينابي فرانسوا أكوابو أدياناغا، والكاميرونية سيلفي نوييت، والموريتاني جبريل دياو. أما النقد السينمائي الإفريقي، فله لجنته الخاصة التي تجمع الكاميروني توكو بيير باتريك، والمغربية ياسمين بوشفار، والبوركينابي إبراهيم بايلي نبيليبي، في قراءة جماعية للسينما بلغة المعنى والمبنى.
هكذا تمضي خريبكة، التي تحتفظ لنفسها بموقع متميز على خارطة المهرجانات الإفريقية منذ 1977، في ترسيخ مكانتها كثالث أقدم مهرجان سينمائي إفريقي، بعد قرطاج وفسباكو، محافظة على وفائها للقارة، وللكاميرا التي تقاوم النسيان.