المقال المغربي – محمد ياسين
إذا كان عنوان ابن رشد يؤكد على حقيقة أساسية في نظره وهي أن الحكمة أي الفلسفة /العقل والشريعة متصلان ولاتناقض أو تباعد بينهما ،فنحن اخترنا هذا العنوان في سياق آخر مختلف تماما هو سياق منظومة التربية والتكوين في المغرب وما تعيشه من غرائب وعجائب رغم ضجة الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار 51/17 الذي تعول عليه الوزارة في إصلاح هذه المنظومة وخاصة في الجانب المتعلق بالموارد البشرية، سواء تلك التي تباشر عملها داخل المؤسسات التعليمية أو تلك التي تم تكليفها بالتدبير التربوي والإداري والمالي في المؤسسات والمديريات والأكاديميات، وحتى داخل ردهات الوزارة المركزية ذلك أن التتبع لمايصدر من قرارات على مستوى المركز يلاحظ وجود قرارات متناقضة بالمكشوف مما يطرح أسئلة كثيرة وعديدة حول مآلات هذا الإصلاح الذي تروج له وزارة التربية الوطنية .
ففي الوقت الذي تؤكد فيه الوزارة على مبادى الكفاءة والتشبيب كقاعدتين أساسيتين لانتقاء الموارد البشرية التي ستتكلف بتنزيل الأوراش والمشاريع الإصلاحية للقانون الإطار، ويبدو أن هذا هو السبب الرئيسي الي اعتمدته الوزارة لتخفيض سن التوظيف إلى 30 سنة خصوصا في مباراة موظفي الأكاديمية نجدها في المقابل تتناقض مع هذا المبدأ وبالتالي تناقض نفسها عند تعمد إلى التمديد لبعض المسؤلين في مناصب المسؤولية وهم موجودون في الإدارة المركزية وفي المديريات الإقليمية والأكاديميات والذين تجاوزوا سن التقاعد حد السن أي تجاوزوا 60 سنة، بمعنى أن هؤلاء دخلوا سن الشيخوخة وشتان مابين سن الثلاثين وهو سن القوة والحركة والعمل والجد وسن الشيخوخة الذي هو سن الراحة البيولوجية والذي تكثرفيه العوائق التي تعيق الإنسان /المسؤول عن العمل وخاصة الأمراض المزمنة من سكري وضغط دموي وووو.
فكيف يمكن للوزارة أن تحل هذا التناقض الواضح للعيان، خصوصا وأن السيد وزير التربية الوطنية عندما باشر عمله بالوزارة كان قد أشار إلى أصحاب التمديد وكان المواطنين ينتظرون منه إلغاء هذا التمديد لفسح المجال للطاقات والكفاءات الشابة لتحمل المسؤولية واكتساب الخبرة في تدبير الملفات العويصة لمنظومة التربية والتكوين، لكن هذا الأمل قد تبخرعندما تم التمديد لبعض المسؤولين الإقليميين الذين يجب أن ينصرفوا إلى حال سبيلهم خصوصا وأن رائحة بعضهم قد بدأت تزكم الأنوف.
فهل بمثل هؤلاء الذين تجاوزوا الستين يمكن بناء منظومة تربوية جديدة ؟وهل بمثل هؤلاء يمكن تنزيل مشاريع إصلاحية كبيرة ؟ وهل التمديد عنوان لحب العمل والجدية والنزاهة؟ألم يكفيكم ما عشناه وسمعناه عن بعض الذين تم التمديد لهم في بعض القطاعات؟ ألم تتعظوا لما وقع لبعض الذين تم التمديد لهم حيث شوهوا الوظيفة العمومية التي تتطلب النزاهة والزهد والقناعة؟ أليس التمديد وسيلة لمآرب أخرى أصبح الجميع يعلمها؟
على الوزارة إذن وبناء على ما سبق أن تقطع مع فكرة التمديد أصلا لأنه بصريح العبارة ليس في صالح المنظومة التربوية خصوصا، وأن هذه الأخيرة رفعت شعارات براقة من مثل التشبيب والتخليق والكفاءة .