بقلم سعيد بنيس
هناك تحول مجتمعي ساهم فيه الإعلام والأسرة والمدرسة يكرس أسطورة تفوق أصحاب التخصصات العلمية والتقنية على أصحاب التخصصات الأدبية والاجتماعية، فأصبحنا اليوم أمام قيم مجتمعية جديدة تعترف بما هو كمي ورقمي وإحصائي وترفض كل ماهو نوعي ورمزي وفكري.
وتباعا صارت الإشكالية المطروحة في هذا السياق هي أن القيم أضحت مهمشة داخل المنظومة التعليمية، فالتلميذ (ة) المجد (ة) لم نعد نعير أي اهتمام لسلوكاته وممارساته (ا) ومدى احترامه (ا) للقيم الإنسانية ومرجعيات العيش المشرك بل نهتم فقط بنقطه (ا) ومعدلاته (ا).
مع أنه في المقابل لا يوجد مجتمع من المجتمعات الإنسانية يُغَيِّبُ ما هو رمزي وأدبي ويركز فقط على ما هو علمي تقني فهذه التخصصات الأخيرة بدورها تجد فيها موادا ومضامين تحيل على التاريخ والفلسفة والفكر …
صار الكل ينظر إلى الشُّعب العلمية على أنها تؤدي وظيفتها الاجتماعية وتفضي إلى تحقيق مكانة وحظوة مجتمعية عكس تخصصات الآداب والعلوم الاجتماعية التي تنتج البطالة والوصم الاجتماعي.
مع أن المعضلة الصارخة تتمثل في أن المتفوقين في العلوم البحثة والهندسة والطب لا يستفاد من خبراتهم، إذ يفضلون الاشتغال وتصريف تميزهم وتفوقهم في أوروبا وأمريكا :
يبدو أن مفارقة العلمي والأدبي أفضت إلى مأزق قيمي.