المقال المغربي من سطات
انطلقت أولى المشاهد الساخرة المعبرة عن تجاوز المفهوم السياسي لدى بعض البرلمانيين الجدد لحدوده، ولم يقنعهم مجرد الحصول على مقعد برلماني، ليتحول شغلهم الشاغل حاليا إلى محاولة التحكم في خارطة التحالفات ببعض الجماعات الترابية، لكن بأسلوب المقايضة، وهو ما جسدته الصورة الأسطورية لبرلمانيي الحمامة والميزان في إحدى المقاهي.
الحديث عن صورة للبرلماني غياث عن حزب التجمع الوطني للأحرار، والبرلماني القاسيمي عن حزب الاستقلال، والتي تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، بعد توقيعهما على تحالفين مصلحيين بمبدإ “اعطيني نعطيك”، على أساس رئاسة جماعة كيسر للاستقلال ورئاسة المجلس الجماعي لسيدي العايدي للحمامة، رغم أن هذين التحالفين تما في تعارض مع الصيغ القانونية، و خاصة بالنسبة للاستقلال، كما أكد عضو جماعة سيدي العايدي، رضوان الهواري، في اتصال هاتفي بموقع الكتروني محلي .
ومن خلال الصورة يتبين أن صياغة وثيقتي التحالفين تطلب وقتا مهما، وأسفرت عن تدخين سجائر كثيرة قبل توقيعهما وتوجيه النظارات نحو عدسة التصوير، غير أن ما يدعو للسخرية أكثر هو عبارة ” استحضارا للمصلحة العامة وتلبية لمطالب عموم الساكنة..” التي تضمنتها وثيقتا التحالفين، خاصة وأن البرلمانيين المحترمين يعلمان جيدا مطالب ساكنة جماعة سيدي العايدي على الخصوص والمنصبة في القضاء على أخطبوط الفساد ومجرمي اختلاس الأموال المحكوم عليهم بالسجن.
وتأتي هذه الخرجة الفيسبوكية المحروقة للبرلمانيين المعنيين، بعد الإعلان عن تحالف بجماعة سيدي العايدي تمخض عنه إسناد الرئاسة لحزب الاتحاد الدستوري، وتم وضع الترشح لدى مصالح عمالة سطات، أما بخصوص جماعة كيسر فقد شكلت وفاة المشمول برحمة الله الراحل ياسين الداودي، فراغا تم استغلاله لبناء أسس المقايضة المفضوحة المعالم، وكل هذا لسد الطريق أمام حزب الحصان الذي أحدث مفاجأة مدوية سيطر من خلالها على مزامزة الجنوبية ونال رئاستها، وهو ما شكل اندحارا لنصف أخطبوط الفساد في انتظار القضاء على النصف الآخر بمزامزة الشمالية.
في سياق متصل، تعقد ساكنة جماعة سيدي العايدي آمالها على حزب الاتحاد الدستوري لنسف هذه المؤامرة، وهو الذي يمتلك القوة والآليات اللازمة وفلسفة التحالفات، لكن تدخله لا يجب أن يكون متأخرا وعليه أن لا يترك أي ثغرة بإمكانها منح الفرصة لتحالف المقايضة.
وكيفما كانت نتائج هذه التحالفات سيبقى إسناد رئاسة المجلس الجماعي لسيدي العايدي إلى الرئيس السابق وصمة عار على برلمانيي الحمامة والميزان، وهما على علم بسجله الأسود، والأكثر من هذا فهي خطوة تتضمن نوعا من المجازفة وغير محسوبة العواقب، لأن المصلحة العامة تقتضي الحكمة والتبصر والبحث عن أشخاص قادرين على أمانة التدبير ورفع التحديات المحلية والوطنية.