
إدريس سحنون-المقال المغربي
في لحظة أشبه بما قبل صافرة النهاية، حيث يصبح الوقت الضائع أثمن من الذهب، تحركت السلطات المحلية بخريبكة بشكل مفاجئ، وعقدت اجتماعا مغلقا في طيات الأسبوع المنصرم وصفته مصادر مطلعة بـ”الطارئ والمصيري”، ترأسه باشا المدينة محمد أهناني، الذي سبق له أن أدار محاولة إنقاذية سابقة عبر ضخ دعم مالي استثنائي لفائدة اللاعبين، تبرع به داعم رياضي وكذا رئيس قسم الشؤون العامة بعمالة الإقليم يونس الراجي، وغيرهما من الوجوه التي باتت تعرف تفاصيل المشهد الرياضي الخريبكي المتأزم.
وإذا كان هذا الاجتماع قد دار خلف الأبواب الموصدة، فإن صداه تسرب إلى الشارع الكروي، فالجماهير التي باتت تحسن قراءة ما بين سطور الصمت الرسمي، تتساءل: هل هو تدخل تصحيحي أم مجرد تمريرة عرضية في وقت لا يحتمل التمرير؟
وكل المؤشرات توحي بأن الاجتماع لم يكن وليد اللحظة، بل جاء بعد سلسلة من الهزائم المتوالية داخل الملعب وخارجه، وبفعل ضغط جماهيري رهيب لم يهدأ، ككرة ثلج تتدحرج ولا تعرف التوقف.
فالاجتماع جاء استجابة صريحة لصراخ الشارع الخريبكي الذي ما عاد يحتمل الانتظار، حيث سبق أن احتشدت الفصائل أمام بوابة ملعب الفوسفاط، مطالبة بتنحية المكتب الحالي وفتح ورش المحاسبة، كأنها صافرة بداية لجولة جديدة في معركة استرداد الثقة.
ولعل هذا التدخل جاء أيضا ليعكس ارتجاج المنظومة الإدارية من الداخل، حيث وضع سعيد حمار، أحد أعضاء المكتب المديري، استقالته فوق الطاولة، في إشارة واضحة إلى تهاوي الثقة وتصدع غرفة القيادة، ما يشير إلى أن الأزمة ليست فقط في النتائج، بل في جوهر المؤسسة نفسها.
ولم يكن البلاغ الأخير للمكتب المديري سوى محاولة فاشلة لامتصاص الغضب، إذ جاء باردا، فاقدا للنبض، ولم يقدم حلولا بقدر ما زاد من ارتباك الصورة، مما يرجح أن يكون من بين الأسباب التي دفعت السلطات إلى التحرك الفوري، بعدما اتضح لها أن الفريق يسير نحو منزلق خطير دون ربان أو بوصلة.
أما القطرة التي قد تكون أفاضت الكأس، فهي التصريح المثير الذي أدلى به رئيس الفريق، والذي جاء في سبع صفحات، دون أن يقنع المتابعين بخطة إنقاذ أو رؤية استراتيجية، بل زاد من الضبابية، واستفز مشاعر المحبين الذين صاروا يعتبرون كل دقيقة تمر دون قرار حاسم، هي خسارة جديدة تحتسب في جدول الترتيب المعنوي للفريق.
وفي قلب هذا الإعصار، عاد للأذهان تصريح يوسف عداوي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة “FC Khouribga” ومنخرط بالنادي، ليقلب الموازين ويكشف جوانب قاتمة من التدبير المالي، حيث صرح بأن مداخيل ملاعب القرب، والتي أعلن الرئيس أنها بلغت 25 مليون سنتيم، لم يحول منها ولو درهم واحد إلى حساب الشركة، معتبرا ذلك خرقا سافرا للقانون ودفتر التحملات.
وكان قد أشار إلى أن الأشخاص الذين يتحدث عنهم الرئيس كمستخدمين لا تربطهم أي عقود عمل مع الشركة، مما يضع علامات استفهام قانونية حول صفة من يشرفون على هذه المرافق.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل كشف عن وثائق ومحاضر اعتبرها “مزورة”، تعود لتواريخ غير صحيحة، مؤكدا استعداده لإنجاز خبرة قضائية لتحمل تبعات ما يقول، ومعلنا عزمه التقدم بشكايات لدى الجهات القضائية رفقة مجموعة من المنخرطين.
وتتوالى المطالب الغاضبة، حيث دعت أصوات من داخل الشارع الخريبكي إلى فتح تحقيق قضائي، وإيفاد لجنة افتحاص من طرف المجلس الجماعي قصد مراقبة مداخيل ملاعب القرب، إلى جانب تدخل عاجل من الجهات الوصية لوضع حد لما سمي بـ”التسيير العشوائي” الذي بات، بحسب تعبيرهم، يجر الفريق نحو الهاوية.
هكذا تبدو الصورة من داخل قلعة أولمبيك خريبكة: فريق يصارع أشباح التفكك الإداري، وجماهير تحارب من أجل الكرامة الرياضية، وسلطات تحاول في الدقائق الأخيرة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وبين هذا وذاك، تظل نتائج الاجتماع مجهولة… فهل كان لقاء لتدارك الخسائر، أم مجرد تمرين في غرفة الملابس قبل الخروج إلى شوط ثان قد لا يمنح؟ الأيام وحدها ستكشف عن خبايا الأمور .