تعيش صناديق التعاقد الثلاثة على وقع مجموعة من الإشكاليات، مما يستوجب على الحكومة تحمل مسؤولية إصلاحها، خلال السنوات القليلة المقبلة، خصوصا الصندوق المغربي للتقاعد الذي قد يصل إلى حافة الإفلاس بحلول 2028، من خلال استهلاكه لأرصدته و إحتياطاته.
وأفاد تقرير حديث أن صناديق التقاعد بالمغرب معرضة للإفلاس التام، خصوصا الصندوق المغربي للتقاعد الذي سيستنفذ احتياطاته البالغة 68 مليار درهما (حوالي 6800 مليار سنتيم)، بحلول سنة 2028.
وتبلغ قيمة العجز بصندوق (CMR)، وفق التقرير الصادر عن مرصد “العمل الحكومي”، أزيد من 7 مليار درهما، مبرزا أن أول عجز ظهر به يعود إلى سنة 2014.
وأفاد التقرير ذاته أن هذا الوضع الذي وصل إليه الصندوق المذكور يعود بالأساس إلى “حجم الدين الضمني الحالي المرتبط بالحقوق المكتسبة في الماضي، حيث سيحتاج هذا الصندوق إلى 14 مليار درهم على أساس سنوي لمواصلة الوفاء بالتزاماته”.
كما أن وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لا تختلف كثيرا عن وضع ‘CMR”، إذ أن تقرير المرصد، ذكر أن العجز الذي ظهر بداخله لأول مرة في سنة 2022، بلغ 375 مليون درهما، متوقعا أن يهدده الإفلاس بشكل تام في سنة 2038.
وحده صندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، من يعيش وضعا ”أفضل”، حسب أرقام تقرير المرصد، إذ رغم العجز الذي يشهده منذ 2004 والبالغ أكثر من 3 مليار درهما، إلا أن وقوعه على حافة الإفلاس الكلي لن يتم إلا في 2052، ويرجع ذلك وفق التقرير دائما، إلى احتياطاته المهمة والبالغة 135 مليار درهما.
يشار إلى أن منظومة صناديق التقاعد في المغرب لها أهداف اقتصادية تتمثل في منح تمويلات لخزينة المملكة للقيام بأوراش واستثمارات مهمة، ثم دور اجتماعي يكمن في تعويضات المعاش في مرحلة الشيخوخة قصد ضمان العيش.
وتقوم الحكومة اليوم بـ ”مقاربة إصلاحية”، عبر مجموعة من ”الاصلاحات المهمة” التي تمس هذه الصناديق، قصد الحفاظ على ديمومتها واستدامتها.
وهناك أسباب رئيسية يتوجب على المغاربة معرفتها وتحتاج إلى نقاش مجتمعي، جعلت صناديق التقاعد بالمغرب اليوم على حافة الإفلاس، أولها يعود إلى عدم أداء الحكومة لمساهمتها منذ ما بعد الاستقلال إلى غاية 1997، مما ضَيًع ملايير الدراهم على الصناديق.
أما السبب الرئيسي الثاني، وفق العديد من الخبراء الاقتصاديين، فيتمثل في كون مردودية استثمارات الصناديق، شابتها إشكالات عديدة، مما يتطلب معالجة الوضع كي تصبح المردودية ذات جدوى، إذ لا يعقل اليوم أن لا تتعدى مردودية صندوق الضمان الاجتماعي 2.5 في المائة كل سنة، في حين يمكن استثمار أموال الصندوق المقدرة بـ 61 مليار درهم، في مشاريع تدر 7 إلى 9 في المائة من المردودية.
أما السبب الثالث، فيرتبط أساسا بغياب نقاش مجتمعي حول أزمة صناديق التقاعد، إذ لا يمكن إصلاحها دون مساهمة جميع الأطراف المعنية به، فلا يمكن الإقدام على الرفع من سن التقاعد والانخراط وخفض معاشات الشيخوخة وحساب سنوات العمل، في حين أن الحكومة لا تؤدي مساهماتها.