بقلم سعيد بنيس
في السابق كان المثقف ينتمي لبعض الهيئات والفئات المجتمعية من قبيل فئة المهندسين والأطباء والمدرسين والباحثين والاقتصاديين والكتاب والفنانين … كانت مسألة المثقف هي مسألة نخبوية. مع التحول الرقمي وهامش حرية التعبير التي أتاحها العالم الافتراضي أصبحنا أمام طفرة من التفاعلات والنقاشات بين رواد ومستعملي الأنترنيت أفضت إلى مشاعية نخبوية ثقافية.
ومع الانتقال إلى ما يمكن أن نسميه “زمن ما بعد الحقيقة” فإن الفعل الثقافي صار عرضة للأخبار الزائفة والتي إذا انتشرت في الميدان الثقافي قد تؤدي إلى “مأزق ثقافي وقيمي”. وهذا المأزق يشجعه المثقف الديجيتالي لاسيما ذاك المثقف الذي يغيب لديه الهم الثقافي والتنويري والتنشئة المجتمعية.
وكما أسلفنا الذكر حول بروز زوايا افتراضية ومثقف يملك قناة على اليوتيوب ومتابعين يؤمنون بثقافته، صار من الواجب على المثقف الكلاسيكي العودة للساحة والانخراط في العالم الافتراضي الذي أـصبح بمثابة عالم واقعي لاسيما مع المرور من مجتمع التواصل الواقعي الى مجتمع الاتصال الرقمي وتحول الأفراد والقراء من أفراد وقراء واقعيين إلى أفراد وقراء افتراضيين.
لهذا يبدو أنه على المثقف الكلاسيكي أن يعود ويسترجع وظيفته الأساسية في تصويب الانزلاقات والمساهمة في التنشئة الثقافية، لأننا صرنا في أزمة مجتمعية بصيغة احتباس قيمي وجب ضبطه واستشراف عواقبه.
في هذا الخضم صار المثقف الكلاسيكي مجبرا على الانخراط في إشكالات المجتمع الذي أضحى مجتمعا افتراضيا ، مما يحتم عليه النزول من برجه العاجي الى البرج الافتراضي.