المصطفى الفادي- المقال المغربي
نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة، بشراكة مع جمعية مهرجان ثقافات وفنون الجبال، صباح يوم الخميس 26 دجنبر 2024، لقاء مفتوحا مع المخرجة المغربية أسماء المدير، في موضوع “السينما والمدرسة”، ترأسه مصطفى السليفاني، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بحضور أفراد من أسرة المخرجة، إلى جانب مجموعة من الأساتذة المؤطرين للأندية السينمائية، وممثلي مدرسة التفتح الفني والأدبي، وعدد من المتعلمين والمتعلمات المهتمين بمجال السينما.
وقد أشرفت الأستاذة أمينة صيباري، رئيسة الجمعية، على تسيير فعاليات اللقاء من خلال إدارة الحوار وتوجيه أسئلة متنوعة إلى المخرجة.
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية ألقاها المصطفى السليفاني، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، رحب فيها بالحضور والمخرجة أسماء المدير.
وأكد في الوقت نفسه على أهمية إدماج السينما في المجال التربوي لتعزيز التفكير النقدي والإبداع لدى المتعلمين والمتعلمات، مشيدا بالدور الذي تلعبه الأندية السينمائية في ترسيخ القيم الثقافية والفنية في المؤسسات التعليمية.
كما نوه بالإنجازات البارزة التي حققتها أسماء المدير على الصعيدين الوطني والدولي.
وتحدثت بعد ذلك المخرجة أسماء المدير عن مسيرتها السينمائية، مستعرضة شغفها بالفن السابع منذ أن كانت تلميذة في المدرسة. ومبرزة مدى تأثير الأنشطة الثقافية المدرسية في تكوين شخصيتها الفنية، وكيف ساعدتها تلك التجارب المبكرة على بناء مسيرتها المهنية. كما نبهت إلى التحديات التي واجهتها في بداياتها، وكيف استطاعت تجاوزها من خلال العمل الجاد والإصرار المتواصل.
وأشارت أسماء المدير خلال حديثها عن مسيرتها الفنية إلى فيلمها الوثائقي “كذب أبيض”، الذي يعكس رؤية مميزة للتحديات الاجتماعية والإنسانية، بلغة سينمائية تنم عن تمكنها من القواعد الناظمة لها، وتبرز رؤيتها الإخراجية وحساسيتها السينمائية الخاصة، وهذا ما تجلى في حصده إشادة واسعة وتحقيق نجاحات مبهرة؛ من خلال فوزه بالنجمة الذهبية في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وجائزة الإخراح في فئة “نظرة ما” بمهرجان “كان”. فضلا عن اختيار الفيلم لتمثيل المغرب في جائزة أفضل فيلم أجنبي في حفل توزيع جوائز الأوسكار السادس والتسعين… مستعرضة في الوقت نفسه كواليس إنتاج الفيلم، ومشددة على أهميته كعمل يوثق واقعا اجتماعيا مغربيا، مؤكدة أن السينما الوثائقية تُعد أداة فعالة لنقل القصص الإنسانية ومعالجة القضايا المجتمعية. إضافة إلى إسهامها في توثيق وإبراز مظاهر الهوية المغربية التي تتسم بالتنوع والتعدد.
اختتم اللقاء بعرض الفيلم الوثائقي “جمعة مباركة” للمخرجة نفسها، الذي يعالج الخلافات الإيديولوجية بين أفراد الأسرة الواحدة؛ حيث يتناول الفيلم “النقاش الحاد بين قريب شيوعي وآخر إسلامي، وكيف استطاعت الروابط العائلية، متمثلة في وجبة الجمعة (قصعة الكسكس)، أن تتغلب على تلك الاختلافات”. كل ذلك بقالب فني جمالي بعيد عن السطحية والمباشرة، ويدعو إلى التأمل والتعمق من أجل حل شفراته وفك علاماته.
أُتيح للحضور بعد عرض الفيلم توجيه أسئلتهم ومداخلاتهم، حيث قامت الأستاذة أمينة صيباري بإدارة هذا الجزء من اللقاء، الذي عرف تفاعلا إيجابيا من قبل الأساتذة والتلاميذ. وركزت الأسئلة على الجوانب التقنية والإبداعية في أعمال المخرجة، بالإضافة إلى دور السينما في التثقيف والتربية. لتجيب أسماء المدير عن الأسئلة بتلقائية، موضحة رؤيتها للسينما كأداة للتعبير والنقد، ومعربة عن سعادتها بالتفاعل الكبير من الحاضرين.
اختتم اللقاء بكلمة شكر من الأستاذة أمينة صيباري للأكاديمية الجهوية في شخص مديرها مصطفى السليفاني، وللمخرجة على مساهمتها القيمة، وكل الحاضرين على تفاعلهم الإيجابي. ومن جهتها، عبرت أسماء المدير عن امتنانها لهذه الفرصة لتبادل تجربتها مع الحضور، مؤكدة أن السينما تظل وسيلة فعالة لنقل القيم والتعبير عن القضايا المجتمعية والإنسانية.