كتاب وآراء

حين ينكسر وهم القوة…هل اقتربت نهاية بنيامين نتنياهو؟

بقلم عصام أمكار

كم تبقى لحكومة بنيامين نتنياهو حتى ترحل؟ سؤال يطرح نفسه في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم والمنطقة، والتي تعصف بمشروع “إسرائيل الكبرى” الذي ربط نتنياهو مصيره به. هذا المشروع الذي ولد من رحم الاستعمار الغربي، لا من عمق التاريخ اليهودي كما يظن نتنياهو، الذي يواجه نهايته الحتمية، إذ لو كان هذا المشروع متجذرًا في تاريخ اليهود، فلماذا لم يظهر إلا في عصر الاستعمار الغربي؟

الدولة الصهيونية، التي أُنشئت لخدمة المصالح الاستعمارية الغربية، استفادت من صراعات القوى الكبرى بين الغرب والاتحاد السوفياتي، لكن نتنياهو يرفض الاعتراف بأن هذه الديناميات تغيرت، وأن مركز الصراع العالمي انتقل من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى .

الحاضن الأول لإسرائيل، بريطانيا، ترك مكانه للولايات المتحدة، التي باتت ترى في إسرائيل عبئًا أكثر من كونها حليفًا استراتيجيًا .

في ظل هذا الانقلاب الاستراتيجي، أصبحت وظيفة إسرائيل منع أمريكا من الانشغال بالصين، وهو ما يدركه بعض الساسة الأمريكيين، خصوصًا في ضوء النفوذ الصيني المتزايد في مناطق مثل بنما. في المقابل، يتوهم نتنياهو أن التطبيع مع الأنظمة العربية سيمنحه الشرعية، متجاهلًا أن هذا التطبيع قد يتحقق على مستوى الحكام فقط . وليس كل على مستوى الشعوب .

طوفان الأقصى جاء ليعيد نتنياهو إلى الواقع الفلسطيني، بعد أن كان يظن أن النكبة والنكسة قد أنهتا القضية الفلسطينية، لكن صمود الفلسطينيين الذي تجاوز المجازر، خلق تيارًا عالميًا مناصرًا لهم في أوروبا وأمريكا، وسيعيد تعريف النضال السلمي إلى الساحات من موقع القوة التي تناسب الحق في التحرير والسلام المشرق كأداة مقاومة فعالة، هذا الصمود ألهم أجيالًا جديدة من الفلسطينيين للانخراط في مواجهة المشروع الصهيوني، وأثبت أن القضية الفلسطينية لا تزال حيّة في الوعي الإنساني .

نتنياهو لا يدرك أن إسرائيل، كدولة وظيفية، لا يمكن أن تبقى على قيد الحياة إذا فقدت دعم أمريكا، العالم يتغير، ومنظومات الحكم في المنطقة ستتغير أيضًا، بما يفرضه العصر الجديد وفاعلوه الجدد، إسرائيل نفسها مهددة بحرب أهلية داخلية، وهي حقيقة يدركها حتى أسرى إسرائيل وعائلاتهم، الانقسام الداخلي في إسرائيل سيكون علامة انتصار للفلسطينيين، الذين باتوا يرون في هذا الانقسام بداية النهاية للمشروع الصهيوني .

حكومة نتنياهو تواجه أيامها الأخيرة، وربما يلجأ إلى قرار انتحاري بشن حرب على الضفة الغربية، في محاولة يائسة لإنقاذ نفسه، لكن هذه الحرب، إن وقعت، ستكون السم القاتل لإسرائيل، التي ستجد نفسها غارقة في مستنقع لا خروج منه .

إن فشل حكومة نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب الأخيرة على غزة، سواء القضاء على المقاومة أو تهجير الفلسطينيين أو احتلال القطاع، دفعها إلى قبول التفاوض مع حماس ووقف إطلاق النار على مضض . هذا الفشل أدى إلى تصدعات داخل الحكومة، قد تبدأ باستقالة بن غفير، الذي سيرفع سقف المزايدات على نتنياهو .

ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: متى ستسقط حكومة نتنياهو؟ ومتى سيواجه مصيره في قضايا الفساد التي تلاحقه؟ لقد حاول نتنياهو استغلال كل ورقة، بما فيها العملية الأخيرة التي كانت تهدف فقط إلى لفت الانتباه إلى القضية الفلسطينية، ليظهر بمظهر المنقذ، لكنه الآن يواجه تحقيقات قد تزج به في السجن، خصوصًا مع اتهامه بتعطيل الاتفاق مع حماس لإطالة أمد الحرب .

في النهاية، ثقة أمريكا في مستقبلها تتضاءل كلما بقيت نفس المسافة بينها وبين إسرائيل، المسافة التي تمنح حصانة لإسرائيل التي يخيفها السلام الحقيقي، السلام الإنساني، حيث يشهد العالم مشهدين متناقضين: أمريكا تطلق الرصاص عشوائيًا، بينما الصين تلعب الشطرنج بانتظار سقوط تمثال الحرية، كما سقط جدار برلين، فليس هناك إمبراطورية استمرت إلى الأبد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى