أمكار عصام
تعيش وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في المغرب فترة صعبة تُعَدّ ورطةً إن صح التعبير تتسارع معها الأحداث، وتتمثل هذه الورطة في تراجع واضح لجودة التعليم، ارتفاع معدلات الهدر المدرسي، وغيرها من المشاكل، وقد حاولت الوزارة مواجهة هذه التحديات عبر إقرار النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية في سبتمبر المنصرم الذي لم يرق هيئة التدريس، وقد اعتبرته هيئة التدريس نظاما تراجعيا أجهز على العديد من المكتسبات السابقة .
وفي ظل هذا الوضع الذي يعيشه قطاع التعليم أضحى جليا على الوزارة الوصية استعمال استراتيجيات جديدة مؤثرة من أجل معالجة كل النواقص الحاصلة في النظام الجديد، وإعادة الأمور إلى نصابها قبل أن تكبر كرة الثلج والتي يمكن أن تقودنا إلى بلوكاج سيؤثر على المجتمع ككل .
تخوفات الجسم التعليمي
فيما يتعلق بالجسم التعليمي والنظام الأساسي الجديد، يسود تخوف متزايد بين الأفراد داخل الحقل التعليمي في المغرب.
تقليل روح الاستقلالية: يثير النظام الجديد مخاوف بشأن تقليل الروح الاستقلالية للمدارس والمعلمين .
التأثير على التدريس والتعلم: قد يؤدي عدم رفع الأجور بشكل كاف وعدم تحسين ظروف العمل إلى تأثير سلبي على جودة التدريس والتعلم خصوصا مع ما نرى من المتغيرات الاجتماعية، وارتفاع نسبة التضخم وغلاء المواد الأولية وارتفاع أسعار المحروقات .
تجاهل المطالب المهنية: يتجلى التخوف في عدم تلبية النظام الجديد للمطالب المهنية الأساسية للموظفين في القطاع التعليمي .
تسارع الإصلاحات: من المعروف أن سرعة إخراج وتنفيذ الإصلاحات قد تؤدي إلى عدم إدارتها بشكل فعّال وقد تترك التداولات الأساسية دون اهتمام كاف .
التوتر بين الأطراف: قد يتسبب الجدل حول النظام الجديد في زيادة التوتر بين الحكومة والأساتذة، مما يؤثر سلباً على البيئة التعليمية . وعلى العملية التعليمية التعلمية .
تبرز كل هذه التخوفات ضرورة إدارة الإصلاحات بحذر والاستماع إلى مختلف أصوات الجسم التعليمي لضمان تحسين النظام التعليمي بمغرب يواجه تحديات متزايدة خصوصا على المستوى الخارجي .
وفي سياق هذه التخوفات، يستمر الجدل حول النظام الأساسي الجديد في التعليم المغربي، بينما يحاول البعض تقديم تحسينات وتعزيزات إيجابية، تظل هناك الحاجة إلى معالجة القضايا الملحة والآنية من خلال :
الحوار المستمر: يجب أن يكون هناك حوار مستمر بين وزارة التربية الوطنية وهيئة التدريس مباشرة وبدون وساطة لفهم مطالبهم بدقة وضمان تضمينها في أي تعديلات قادمة .
تحسين شروط العمل: يتطلب النجاح المستمر في المجال التعليمي تحسين شروط العمل وتوفير الموارد اللازمة لتمكين الأساتذة من أداء واجباتهم بفعالية .
تعزيز الشفافية: ينبغي تعزيز الشفافية في تنفيذ الإصلاحات وتقديم تقارير منتظمة حول التقدم المحقق والتعامل مع التحديات المطروحة .
تقديم حلول مستدامة: يجب أن يتم التركيز على تقديم حلول مستدامة للقضايا الهيكلية والمهنية في نظامنا التعليمي .
تعزيز التعاون: تعزيز التعاون بين الوزارة والأساتذة وتشجيع الحوار المفتوح الذي يسهم في بناء بيئة تعليمية تعكس احتياجات وتطلعات الجميع
المطالب المهنية للأساتذة
تتمثل أبرز مطالب الأساتذة في ما يلي:
رفع الأجور: المطلب الأساسي يتمثل في رفع الأجور بشكل يبرز حجم المهام والمسؤوليات التي يتحملها الأستاذ .
تحسين ظروف العمل: يُطالب الأستاذ بتحسين ظروف العمل من خلال توفير المعدات والوسائل اللازمة وإلغاء الساعات التضامنية لتعزيز فعالية التدريس وإيصال المعلومة للتلميذ المغربي
توفير فرص التكوين المستمر: توفير التكوين المستمر لرفع كفاءة الأساتذة وتطوير مهاراتهم التي تواكب التطورات في مجال التعليم .
نظام عادل للترقيات: إقامة نظام عادل للترقيات يعتمد على الكفاءة والأداء، مما يعزز فرص التقدم المهني للأساتذة.
احترام دور الأستاذ المغربي: يتطلب احترام دور الأستاذ المغربي تقدير دوره ومكانته في المجتمع، وتوفير الوسائل والإمكانيات له للقيام بمهمته بشكل أفضل .
تعكس هذه المطالب حاجات الأساتذة وتطلعاتهم نحو تحسين شروط عملهم ورفع مستوى التعليم في المغرب.
لكن الصعوبات التي يمكن أن تعترض تحقيق هذه المطالب ككل تكمن في عدم وجود سيولة كافية في الظرفية الاقتصادية التي يعيشها المغرب في الوقت الراهن، لذا يجب على الوزارة الوصية البحث عن موارد مالية جديدة بعيدا عن ميزانية الدولة من خلال البحث عن شراكات مع القطاع الخاص والاستثمار في قطاع التعليم ( إنشاء مؤسسة مالية تابعة لقطاع التربية الوطنية قادرة على توفير السيولة اللازمة ويكون الهدف الأول هو محاربة الهدر المدرسي بنسبة 100%100 .
لإيجاد شركاء جدد لتمويل قطاع التعليم في المغرب، يمكن اتخاذ الخطوات التالية:
إنشاء صندوق خاص لتمويل التعليم: يمكن إنشاء صندوق خاص يشارك فيه كل من القطاع العام والقطاع الخاص لتوفير التمويل اللازم، وفتح باب المساهمة أمام الأثرياء لدعم المدرسة المغربية، نظير منحهم صفة تؤخذ بعين الاعتبار أثناء إعداد سجلاتهم الضريبية.
تشجيع الاستثمار: تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التعليم من خلال تقديم حوافز ودعم مالي، مما يعزز المشاركة الفعّالة داخل الحقل التعليمي .
تنظيم مؤتمرات تحفيزية: تنظيم مؤتمرات لتعزيز التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص، مما يساعد في توفير التمويل اللازم والمستمر لدعم المدرسة المغربية
الشراكات العامة-الخاصة: تعزيز الشراكات بين القطاع العام والخاص لتحديد الاحتياجات الملحة وتخصيص الموارد بدقة .
تنظيم حملات توعية : توجيه حملات توعية للشركات والمستثمرين حول أهمية دعم التعليم ودوره في تطوير المجتمع .
تحفيز الابتكار وريادة الأعمال: دعم مشاريع الابتكار وريادة الأعمال في مجال التعليم، وتشجيع الشركات على الاستثمار لتحسين القطاع التعليمي .
ضمان الشفافية في استخدام الأموال : توفير آليات شفافة لمتابعة وتقييم استخدام الأموال المخصصة للتعليم، مما يسهم في بناء الثقة بين الشركاء والممولين .
تعزيز الابتكار في تمويل التعليم : البحث عن وسائل جديدة لتمويل التعليم، مثل استخدام التكنولوجيا لجذب التبرعات أو إطلاق حملات تمويل جماعي .
هذه الخطوات يمكن أن تعزز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان توفير التمويل اللازم لتحسين جودة التعليم في المغرب .
الحلول الممكنة والآنية لإنهاء الأزمة:
من الضروري إيجاد حلول لإنهاء الاحتقان الموجود بين وزارة التربية الوطنية والأساتذة. وتشمل هذه الحلول ما يلي:
عقد لقاءات مباشرة بين وزارة التربية الوطنية والأساتذة، لمناقشة المطالب المهنية للأساتذة، وبحث سبل تحقيقها.
تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة التربية الوطنية والأساتذة، لدراسة النظام الأساسي الجديد، واقتراح التعديلات اللازمة عليه.
اتخاذ إجراءات فورية لتحسين ظروف العمل للأساتذة، مثل توفير المعدات والوسائل اللوجستيكية اللازمة.
العلانية في المناقشة: نشر كل تفاصيل اللقاءات التي ستقودها اللجنة المشتركة التي سيشكلها الوزير بين اطر الوزارة والأساتذة المكلفون
تحديد جدول زمني محدد: وضع جدول زمني لتنفيذ الحلول المقترحة، بما في ذلك مواعيد القاءات وجلسات العمل، لضمان تقدم عملي وإجرائي
تعزيز ثقافة التقدير: تعزيز ثقافة التقدير والاحترام بين وزارة التربية والأساتذة، مما يساهم في بناء جو من التعاون والاستقرار .
مناظرة وطنية: وجب تنظيم مناظرة وطنية تشارك فيها كل مكونات الجسم التعليمي أفقيا وعموديا والخروج بتوصيات يمكن العمل بها في نظام أساسي متطور ومنصف لكل الفئات .
في الختام، يتبين أن قطاع التعليم في المغرب يمر بتحديات كبيرة تتطلب استراتيجيات فعّالة وتعاوناً جاداً. إن فهم تخوفات الجسم التعليمي والتحفيز لحوار مستمر بين وزارة التربية والأساتذة يشكل أساسًا لإحداث التغيير المطلوب. ويجب على الحكومة العمل على تحسين شروط العمل وتلبية المطالب المهنية للأساتذة، بينما يتعين على الأساتذة المشاركة بفعالية في عملية الإصلاح. ومن خلال التوازن بين الشفافية والتفاعل البناء، يمكن تحقيق تقدم ملموس في تطوير نظام تعليمي يلبي احتياجات المجتمع ويرفع من جودة التعليم في وطننا المغرب
يقول مالكوم إكس
( إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدّون له اليوم ) .