الواجهة

تخليق الحياة العامة “محور ندوة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ‏ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات”

تتواصل مشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في فعاليات الدورة 29 ‏للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظم بالرباط، تحت الرعاية السامية لصاحب ‏الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بعقد ندوة مشتركة حول موضوع ‏‏:”تخليق الحياة العامة: مقاربات متعددة”، اليوم الإثنين 13 ماي 2024، بين ‏المجلس ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات.

وفي هذا الإطار قال السيد عبد اللطيف طهار، عضو المجلس الأعلى للسلطة ‏القضائية، ورئيس لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاة، إن تخليق الحياة ‏العامة هو خيار استراتيجي للدولة، وكل مؤسساتها معنية بذلك، وهو ما يظهر ‏من خلال استقراء مجموعة من المبادئ الواردة في دستور المملكة؛ حيث أوجب ‏الفصل 36 في فقرته الثانية على السلطات العمومية الوقاية – طبقا للقانون – من ‏كل اشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال ‏الأموال الموجودة تحت تصرفها، وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها والزجر ‏عن هذه الانحرافات، ونص الفصل 154 في فقرته الثانية على أن المرافق ‏العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في ‏تسييرها للمبادئ والقيم الديموقراطية التي اقرها الدستور، كما أوجب الفصل ‏‏155 على أعوان المرافق العمومية ممارسة وظائفهم وفق مبادئ احترام ‏القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة.‏

وأضاف المتحدث، أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره المؤسسة ‏الدستورية التي تشرف على القضاء كسلطة مستقلة كما نص على ذلك الفصل ‏‏107 من الدستور لم يكن بمعزل عن هذه الدينامية التي تعرفها بلادنا تحت ‏القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لأجل ذلك تبنى المجلس ‏استراتيجية لعمله على المدى القريب والمتوسط (2021-2026) وهي عبارة ‏عن خارطة طريق، وبرنامج عمل يحدد أولويات اشتغاله وكيفيات وطرق ‏التنفيذ، وذلك بهدف اضطلاع القضاء بدوره في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ‏وحماية الحقوق والحريات ودعم الاستثمار، وترسيخ قيم الديمقراطية والحكامة ‏الجيدة والنزاهة والشفافية، وموضوعُ التخليق كان حاضرا بقوة في هذا ‏المخطط الاستراتيجي الذي اعتمده المجلس.‏
وفي مداخلة ثانية ضمن أطوار هذه الجلسة، التي ترأسها السيد محمد زاوك ‏عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أكد السيد جلال الأدوزي، مفتش ‏بالمفتشية العامة للشؤون القضائية، أن هذه المفتشية تعبأت منذ دخول القانون ‏المتعلق بها بتاريخ 3 أكتوبر 2021 حيز التنفيذ، للاضطلاع بالمهام التي أناطها ‏بها هذا القانون، تنزيلا لمقتضيات المخطط الاستراتيجي للمجلس الذي سطر ‏ضمن أولوياته تعزيز النزاهة والشفافية.‏
وتبرز مساهمة المفتشية العامة للشؤون القضائية في مجال التخليق، يضيف ‏المتحدث، من خلال مباشرة اختصاصاتها التي حددت في المادة العاشرة من هذا ‏القانون، والمتمثلة في التفتيش القضائي المركزي لمحاكم المملكة، رئاسة ‏ونيابة عامة، وتنسيق وتتبع التفتيش اللامركزي والإشراف عليه، ودراسة ‏ومعالجة الشكايات والتظلمات التي يحيلها السيد الرئيس المنتدب، والقيام في ‏المادة التأديبية بالأبحاث والتحريات التي يأمر بها الرئيس المنتدب، وتتبع ‏ثروات القضاة بتكليف من الرئيس المنتدب، وتقدير ثروات القضاة وأزواجهم ‏وأبنائهم بتكليف من الرئيس المنتدب وموافقة المجلس. ‏
وفي مداخلة حول دور النيابة العامة في تخليق الحياة العامة، شدد السيد صالح ‏تزاري، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، على أن ‏تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد المالي يعتبر من أولويات السياسة الجنائية ‏بالمملكة المغربية، مستندا إلى ما أكدته الخطابات الملكية، ومن بينها الخطاب ‏الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بمناسبة ثورة ‏الملك والشعب (سنة 2014)، حيث أكد جلالته أن “اللحاق بركب الدول ‏الصاعدة لن يتم إلا بمواصلة تحسين مناخ الأعمال، ولا سيما من خلال المضي ‏قدما في إصلاح القضاء والإدارة ومحاربة الفساد، وتخليق الحياة العامة، التي ‏نعتبرها مسؤولية المجتمع ككل”.‏
واستعرض السيد تزاري التوجيهات التي تصدرها رئاسة النيابة العامة، عبر ‏دورياتها، بهدف تخليق الحياة العامة وحماية المال العام ومحاربة الفساد، ‏وتعقب مختلف جرائم الفساد، وتعزيز ثقة المواطن في قدرة العدالة الجنائية ‏على مواجهة تلك الانحرافات، وحماية الاستثمار والمستثمرين، من آثارها ‏السلبية. ‏
من جانبه اعتبر السيد هشام مكروم، رئيس المجلس الجهوي للحسابات لجهة ‏الدار البيضاء-سطات، أن تخليق الحياة العامة يعد أمرا محوريا لتعزيز ثقة ‏المواطن في علاقته بجميع مناحي حياته، في المؤسسات وفي تيسير الولوج إلى ‏الخدمات والمرافق العمومية، مضيفا أن تخليق الحياة العامة يخلق البيئة ‏السليمة الحاضنة للاستثمار المتمر والكفيل بخلق فرص الشغل، والمساهمة ‏الفعالة في تنشيط الدورة الاقتصادية، ما ينعكس على الدولة بتحقيق أهدافها ‏التنموية والاقتصادية، وعلى المواطن بتحقيق العيش الكريم.‏
وقال السيد يوسف غلام، نائب وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات ‏بجهة الدار البيضاء سطات، إن المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة ‏مجالس الجهات والجماعات الترابية وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها، ‏ويعاقب عند الاقتضاء على كل اخلال بالقواعد السارية على الهيئات المذكورة، ‏مضيفا أن الوظيفة العقابية تظهر كنتيجة وتكملة للأعمال الرقابية الأخرى لهذه ‏المحاكم المالية، بما يحقق التكامل في اختصاصاتها بين ما هو قضائي والغير ‏قضائي، أي الجمع بين السلطة الرقابية والسلطة العقابية في احترام تام للمعايير ‏الدولية في هذا الشأن.‏
وفي مداخلة ختامية أكد السيد أحمد أجعون، عميد كلية العلوم القانونية ‏والسياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن الأخلاق هي صمام الأمان والدرع ‏الواقي في حياة الأفراد والأمم والشعوب، مضيفا أن تخليق الحياة العامة يعد ‏ركيزة أساسية للحكامة الجيدة، وضمانة للنزاهة والشفافية، ولا يمكن أن يتأتى ‏هذا التخليق إلا من خلال مقاربة متكاملة وشمولية، ومتعددة الركائز، فهي قضية ‏مجتمعية.‏
وقال السيد أجعون إن الجامعة هي مجال للتنشئة والتكوين في مجال تخليق ‏الحياة العامة، وهي فضاء للنقاش والحوار والبحث العلمي المرتبط بالتخليق، ‏وذلك عبر وضع مجموعة من البرامج التي تعالج مواضيع الأخلاق والقيم ‏ووحدات قانونية وتدبيرية، ويمتد التكوين، يضيف المتحدث، ليشمل مجال ‏الرقمنة والحكامة الرشيدة، وتفصيل اختصاصات جميع المتدخلين في تخليق ‏الحياة العامة من سلطات قضائية وإدارية ورقابية وسلطات إنفاذ القانون ‏وغيرها.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى