إدريس سحنون- المقال المغربي
تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تعود كاميرا المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة لتدور من جديد في نسختها الخامسة والعشرين، وذلك ما بين 21 و28 يونيو 2025، حاملة معها أسئلة الزمن الرقمي وهواجس الصورة في زمن الذكاء الاصطناعي.
هذه الدورة ليست كسابقاتها. فالعالم يتغير بوتيرة صاخبة، والخوارزميات صارت تكتب المشهد وتخرج الإحساس، في زمن باتت فيه الآلة تنافس الخيال. من هنا، جاء شعار الدورة كعتبة شعرية وعتبة فكرية تربط بين الماضي والحاضر، بين شفاه الحكواتيين وشفرة المبرمجين:”من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات… تجاذبات السينما الإفريقية” (Du griot à l’algorithme, le cinéma évolue).
هذا الشعار ليس مجرد عنوان، بل مفتاح تأويلي لدورة تسعى إلى الغوص في عمق التحول الرقمي، والبحث عن تموقع السينما الإفريقية وسط هذا التيار الجارف. لذلك، كان من الطبيعي أن تختار إدارة المهرجان أن تخصص ندوتها الكبرى لموضوع “السينما والذكاء الاصطناعي”، في محاولة لطرح السؤال الجوهري: هل يمكن للآلة أن تبدع؟ وهل تستطيع الكاميرا أن تحلم عندما تمسك الخوارزمية بزمام الرؤية؟
ويأتي الملصق الرسمي للدورة ليعكس هذا التوتر الإبداعي، بين حرارة الذاكرة الشفوية التي يحملها الحكواتي، وبرودة المعادلات التي تسكن الخوارزميات. هو حوار رمزي بين عالمين، وبين زمنين، يبحث فيهما صانعو السينما الإفريقية عن موطئ قدم جديد، يُعيد ابتكار الحكاية برؤية معاصرة لا تفقد دفء الانتماء.
إنها دورة تشبه انعطافة… حيث لا تعود الكاميرا مجرد أداة، بل مرآة تحاور المستقبل، وتسائل الروح الإنسانية في عصر رقمي لا يكف عن التوسع.
