بقلم رشيد الأطراسي
تتضاءل فرص الاعتدال السياسي والإجتماعي، وتزداد أشكال التشدد السياسي والتغول الإقتصادي وتقليص فرص الهوامش الإجتماعية مع الإنتخابات والتحالفات المقررة سلفا دون استشارة الناخبين:
التشدد السياسي يضيع الكثير من الفرص والمكاسب، ويزيد من الاختناقات، والتي تبقى بلا محاولة واقعية لمقاربة الإختلاف .
ومن يعتقد أن التشدد هو الخيار المناسب للمغرب لعودة هيبتهم وعنفوانهم، هو يرتكب خطيئة سياسية وتاريخية بحق المغاربة ومصالحهم الإجتماعية الحيوية..أعني أحزاب اللحظة الأخيرة، أو ما يصطلح بتسميتها باحزاب الإدارة،
وهذا بطبيعة الحال، يزيد من الاحتقانات والتوترات، ويعلي من شأن كل التوترات.التي لاتخدم الديموقراطية في شيء.
وكل هذا يعكس مزيداً من غياب الاعتدال وبروز كل أشكال الهيمنة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
بحيث يصبح الخطاب المعتدل غير مقنع لأحد، وكل طرف بصرف النظر عن طبيعته وجوهره، يبرز جوانب التشدد لديه..
فالجميع بدأ يشعر أن الاعتدال يضيع مشروعه، ويفقده الحضور الاجتماعي المؤيد له،سواء في الحزب او في الإدارة أو المجتمع.
ولا ريب أن ضعف الاعتدال وبروز التشددالسياسي، ليس هو الطريق الذي يحافظ على مكاسب الديموقراطية الوطنية بل إننا نعتقد وبعمق أن التخلي عن نهج الاعتدال السياسي والتمسك بمعالمه وضروراته، يساهم في انسداد الأفق السياسي على المستوى البعيد،قبل القريب.
صحيح أن التشدد السياسي مع حزب وحيد يروم إنقاذ المغاربة من كل الويلات قد يزيد من فرص الالتفاف الاجتماعي معنويا، ولكنه لا يغير معادلات الواقع، ولا يوفر فرص ومناخ التحول التاريخي الذي تنشده ظروف الواقع السياسي في أكثر من موقع ومساحة سياسية واجتماعية أو ثقافية .
وتعلمنا من تجارب العديد من الشعوب والحياة السياسية لهذه الشعوب، أن الاعتدال السياسي الذي يحظى بشعبية وازنة اليوم،يبقى أفضل الخيارات على كل الصعد والمستويات..
فالتشدد السياسي، يضيع الكثير من الفرص والمكاسب، ويزيد من الاختناقات والتي تبقى بلا محاولة واقعية لمعالجة الأمور..
فالتشدد السياسي لا يبني واقعاً للقوة النوعية، وإنما يضيع القوة القائمة، دون أن يتمكن من فعل شيء.
ومن يعتقد بأن التشدد سيحافظ على مصالحه ومكاسبه، هو يرتكب بحق نفسه ووطنه خطيئة تاريخية.
فالتشدد يضيع المصالح ولا يحافظ عليها، ويفاقم من المشكلات ولا يعالجها، ويزيد من فرص التوترات على كل صعيد ومستوى..
وسيبقى الخيار الانسب للمغرب الدولة والوطن هو الاعتدال السياسي، الذي يراكم القوة على المستويين الاجتماعي والسياسي والإقتصادي، ويعالج كل المشكلات بوسائل قوامها الحكامة والنجاعة والثقة مع ربط المسؤولية بالمحاسبة
ويبدو على هذا الصعيد أن الممارسة السياسية والاجتماعية حينما تستند على الرغبة دون المعطيات والحقائق، هو الذي يؤسس لخيارات التشدد على كل المستويات،ويؤسس لمعطى الفشل في الاختيارات.
بينما الاعتدال يستند إلى الممارسة التي تستند على المعطيات والحقائق.. فالإنسان يتحرك وفق معطياته وحقائق واقعه، لذلك هو يتحرك وفق إمكاناته وقراءته الدقيقة لواقعه وواقع مجتمعه..
أما الذي يتحرك برغباته، فهو يتحرك دون النظر إلى إمكاناته ومدى الاستعداد لدى هذه الامكانات لهذا الخيار أو ذاك..
ومن يتحرك برغباته سيصدم بحقائق واقعه.. هذا الاصطدام الذي يزيد من ضعفه النوعي..
وعليه فإن ركيزة الاعتدال السياسي الواقعي، هو أن الانسان يتحرك بإمكاناته وليس برغباته..
وتعلمنا الحياة أن الحركة بالرغبة تزيد من فرص الأزمات بدل علاجها، وتؤدي إلى الإرباكات على كل الصعد والمستويات..
لذلك يبقى المطلوب لدى الدول والأحزاب و الجماعات وكذا الأفراد هو الاعتدال السياسي، الذي ينطلق من إمكاناته، ويعمل حينما ينطلق أن يراكم عناصر القوة لديه دون تبديدها..
وفِي تقديرنا أن العودة إلى الاعتدال السياسي، هو الخطوة الضرورية لمعالجة الأزمة المغربية الحالية.
وكل هذا يدفعنا إلى القول: أن الالتزام بالاعتدال السياسي بالمغرب ، هو الخيار الأنسب، لمعالجة المشاكل الراهنة، وبناء القوة النوعية للذات الوطنية.
من يبحث عن خيار دون ذلك، فإنه سيفاقم من أزمات الذات دون وجود القدرة الفعلية لمعالجة المشاكل والأزمات وخاصة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية…
ومجمل القول : المغرب اليوم بحاجة إلى مقاربة سياسية معتدلة، دون تبني خيار التشدد الحزبي وخيار البلقنة القطبية ي ساهمت في تخلف الدولة المدنية الحديثة…
وإنه مهما كانت الصعوبات، سيبقى الخيار الذي لا بديل عنه، هو خيار حقيقي بتبني خيار الاعتدال السياسي بمشاركة كل الطيف السياسي الوطني في تنمية الديموقراطية وتطوير صرح الدولة المدنية الحديثة في ظل نظام ملكي دستوري