أخيرا إصدار جديد في أدب السجون بعد أن قرر المعتقل السياسي السابق محمد السريفي البوح بتجربته في السجن، أحداث لم يكتب لها التوضيح من زاوية مغايرة، أحد أقطاب منظمة “إلى الأمام” يكشف في إشارات مبطنة سياسية هامة قصة تروي 18 سنة من الاعتقال والتعذيب داخل معتقلات وسجون المغرب، بأسلوب بعيد عن نقل القارئ إلى المعاناة، بل يعلق بشكل أكبر على آمال الناجين، متخلصا من عقدة “الضحية ” المألوفة في أدب السجون، متموقعا في جهة الانتصار لمواقفه وقناعاته بكل مسؤولية ووطنية.
“السماء المربعة” تجربة إنسانية غنية وثقها المناضل محمد السريفي فيلار المولود في 29 فبراير 1952 من أم إسبانية فرت من قمع فرانكو رفقة أبناءها، وأب مغربي صياد كان مقاوما للاستعمار الفرنسي والإسباني.
قذفته عوالم السياسة إلى النشاط الطلابي داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومنه التحق بالحركة الشيوعية التي اعتمدت في مرجعياتها “الماركسية اللينينية” كأداة لتحليل الواقع، حيث نشط بجناحها السري لأزيد من سنتين قبل أن تختطفه الشرطة السياسية يوم 10 نونبر سنة 1974، ليقضي سنتين من التعذيب، قبل أن يواجه محاكمة صورية ألقت به في السجن 30 سنة، ليصبح الرفيق الدائم لأبراهام السرفاتي داخل السجن المركزي للقنيطرة.
من خلال “السماء المربعة” يثير المؤلف إشكالات تلامس حاضر اليوم، تسائل واقع الديمقراطية ومفهوم الحرية كشرط مسبق لتغيير الإنسان والواقع، وهي مناسبة لتقييم ومساءلة تجربة الحكم في الربع القرن الاخيرة.
رحلة حياتية مليئة بالتفاصيل وملهمة، وهي فضلا عن ذلك، وثيقة تاريخية تكشف أسماء الجلادين والمسؤولين الذين كانوا سببا في تعاسة المغرب والمغاربة، وكل من ساهم في تقتيل الأمل والتغيير الديمقراطي.