بقلم نورالدين ثلاج
لايختلف اثنان أن تركيبة المجلس الجماعي لمدينة خريبكة يضم أحزابا عديدة وتيارات متنافرة، ليس من منطلق الإديولوجية الحزبية والبرامج الانتخابية، وإنما بسبب صراعات شخصية، وحسابات خاصة بعيدة كل البعد عن الصراع والتدافع المفضي لخدمة المواطن والمدينة….
فمنذ أن انطلقت الحملة الانتخابية، وإن لم نقل قبلها، عاشت كل الأحزاب ترحالا سياسيا، وإن لم نقل هجرة في كل الاتجاهات، حيث تحول اليميني إلى يساري، والإسلامي إلى ليبرالي، والمعتدل إلى إسلامي، وآخرون طرقوا أبواب كل الأحزاب ليرسوا على لون يكون غطاء للترشح، والبحث عن مقعد بالجماعة، فاختلطت الشعارات والبرامج، والتقت في زاوية “تنمية المدينة” وإن كان معظمهم سير شؤون المدينة أو شارك في التسيير دون أثر يذكر، معززين بوجوه جديدة في الميدان، سرعان ما بدأت تتأقلم مع السياسة بمعناها البراغماتي الشخصي، وتبحث عن امتيازات شخصية سواء من موضع التسيير أو المعارضة، مادامت كل الطرق تؤدي إلى روما.
وعد المعارضون بممارسة الرقابة بما يتيحه لها القانون، وتعهدت بفضح الخروقات، والكشف عن الفساد والتزوير، متوعدة بأن تكون في الموعد، ولن تخون الساكنة، مادام أعضاؤها قد حملوا شعار “التغيير ومحاربة الفساد”، حيث ستكون الولاية الحالية اختبارا للفريقين؛ معارضة وأغلبية، مادامت التنمية مبتغى الجميع، وسيعملون على تحقيقها من أي موقع.
حلت ساعة الحسم، وبدأت التجربة تتحرك من هذا الفريق أو ذاك، الرئيس فكر وقدر، واهتدى إلى فكرة الاتصال بكل أعضاء المعارضة، سواء المصوتون ضده، أو الممتنعون ماداموا لا ينتمون لتشكيلته، فاقترح على الجميع اختيار اللجنة التي يريدون أن ينضموا إليها دون أن يحدد لهم اللجنة المخصصة للمعارضة، فاختار بعضهم لجانا تابعة للتسيير، وبالتالي سينزعون عباءة المعارضة في حالة التصويت على التحاقهم بهذه اللجان، الأمر الذي سيشكل ضربة قوية لتماسك فريق المعارضة، ويقلل من عددهم وقوتهم، فيما رفض آخرون الانسياق وراء هذا المقترح وتشبت بالانضمام للجنة المخصصة للمعارضة، انسجاما مع موقفه الذي عبر عنه من البداية، وكذلك احتراما لتعهداته التي قطعها للساكنة قبل تشكيل المجلس بأنه لن يتحالف مع الرئيس ومن معه.
إعلان الرئيس لأسماء المستشارين الذين عبروا عن رغبتهم في الانضمام إلى لجان تابعة للتسيير كان مقصودا وغرضه زعزعة تماسك المعارضة، التي قاطع أكثر من نصفها الدورة الاستثنائية التي انعقدت، الأربعاء بمقر الجماعة، وهو الأمر الذي خلق سجالا، كون من ذكرت أسماؤهم لم يحركوا ساكنا، ولم ينفوا ما قاله الرئيس، فاتحين المجال أمام المتتبعين ترديد عبارة “المعارضة علنا والتفاوض سرا”، في انتظار كشف المستور، وفهم كواليس الكذب الذي لن ينطلي على المواطن الخريبكي.