الواجهةسياسةكلام لا بد منه

عصام أمكار يكتب: التعديل الحكومي ترتيب معهود أم إعداد لترتيب استراتيجي؟

بقلم أمكار عصام

يعتقد البعض أنهم يمتلكون القدرة على التوقع والتحليل، لكنهم في الحقيقة يفتقرون إلى الفهم العميق لما يجري خلف الأبواب المغلقة، يعتقدون أن بإمكانهم تخمين ما يدور في ذهن الملك، لكن الحقيقة أنهم بعيدون كل البعد عن ذلك، إنهم لا يدركون أن الملك يخطط لما يفوق بمراحل قدراتهم المحدودة، وأن محاولاتهم البائسة للتكهن بما سيأتي لا تساهم إلا في إظهارهم بمظهر من ينتظر نتيجة اليانصيب، حيث كل ما يمكنهم فعله هو الانتظار والصمت، فالتعديل الحكومي المقبل يشكل حديث الساعة، ولكن هل يدرك هؤلاء أنه ليس في يدهم قرار ولا في أذهانهم إدراك لما يجري؟ ليتهم يدركون حجم الفارق بين ما يخطط له الملك وما يدور في رؤوسهم الصغيرة، وليتهم يصمتون حتى لا يكشفوا عن جهلهم الكبير بخبايا الأمور .

تتوالى التغييرات في المشهد السياسي العالمي، ويشهد العالم تحولات كبيرة، مثل ما وقع في الانتخابات الفرنسية الأخيرة وصعود التيارات التي تهدد بتغيير ملامح الاتحاد الأوروب .

في ظل هذه التحولات الكبرى، يصبح التعديل الحكومي ضرورة لا مفر منها، لذلك يتطلب الوضع الراهن في المملكة تكييف الجهاز التنفيذي مع هذه التغيرات الدولية، لضمان أن تكون الحكومة قادرة على التعامل بفاعلية مع التحديات القادمة، وأن تحافظ على مكانة المملكة في المشهد الدولي، لكن هل يدرك أولئك الذين يثرثرون في مجالسهم أن هذه التغييرات ليست مجرد تعديل وزاري عابر، بل ضرورة تفرضها الظروف الدولية المتغيرة ؟ إنهم لا يملكون الرؤية التي تمكنهم من استيعاب أن هذه التحولات هي جزء من استراتيجية أوسع تتجاوز حدود الدولة لتصل إلى عمق العلاقات الدولية .

يطرح التعديل الحكومي القادم سؤالًا محوريًا حول طبيعة التأثير الذي سيحدثه في الحياة الداخلية للأحزاب المشكلة للحكومة، ويدرك الجميع أن الأحزاب تجد نفسها مضطرة إلى إعادة ترتيب أوراقها وتعديل استراتيجياتها بما يتوافق مع التوجهات الجديدة، سيضطر العديد من قادة الأحزاب إلى تقديم تنازلات قد تكون موجعة للبقاء في المشهد السياسي .

لكن، هل يكفي ذلك؟ هل تدرك الأحزاب أن التعديل الحكومي لن يكون مجرد عملية تجميلية، بل اختبار حقيقي لقدرتها على البقاء والتكيف؟ التعديل ليس مجرد تبديل للوجوه، بل اختبار لعُمق التحالفات وصمود المبادئ التي قامت عليها هذه الأحزاب .

السؤال الذي يجب أن يطرحه الجميع: هل ستبقى الأحزاب قادرة على تحمل الضغوط الجديدة أم أن هذا التعديل سيكشف عن هشاشتها ؟

تتعاقب الأحداث وتتكشف الأمور، وتظل الأسئلة قائمة: كيف سيؤثر التعديل الحكومي في حياة المواطنين ؟ هل سيكون هذا التعديل في صالحهم أم أنه مجرد لعبة سياسية أخرى ؟ تظل المملكة بحاجة إلى قيادة قوية ومستقرة، قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة التي تتطلبها المرحلة الحالية، لكن هل ستكون الحكومة الجديدة على قدر التحديات؟ هل ستتمكن من تحقيق التوازن بين المصالح الداخلية والخارجية ؟

إن التعديل الحكومي المقبل ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو جزء من عملية استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة وضمان استقرارها في ظل الظروف العالمية المتغيرة .

تتراكم التساؤلات وتتزايد التوقعات، لكن يبقى السؤال الأهم: هل يدرك الجميع أن الملك يخطط لما هو أكبر من مجرد تعديل حكومي؟. إن التغييرات القادمة قد تكون بداية لمرحلة جديدة في تاريخ المملكة، مرحلة تتطلب منا جميعًا أن نكون على مستوى التحديات، وليتهم يدركون حجم الفارق بين ما يخطط له الملك وما يدور في أذهانهم، فالمسألة أكبر بكثير من مجرد تعديل حكومي، إنها تتعلق بمستقبل المملكة، وبمدى قدرتها على التكيف مع التغيرات الدولية والتحديات الداخلية .

تتدفق الأحاديث والهمسات حول التعديل الحكومي المقبل، ولكن يبقى السؤال المطروح: هل سيكون هذا التعديل مجرد تغيير للأسماء والوجوه أم أنه سيحمل معه تغييرات جذرية تؤثر على مسار البلاد ؟ التعديل الحكومي يجب أن يكون خطوة في الاتجاه الصحيح، خطوة تعزز من استقرار المملكة وتضمن لها مكانة قوية في المشهد الدولي . في النهاية، ما يحدث الآن هو جزء من لعبة سياسية كبيرة، حيث الملك هو اللاعب الرئيسي الذي يخطط لكل شيء بعناية ودقة، دون أن يعير انتباهًا لمن يظنون أنهم يعرفون كل شيء .

تتوالى الأيام وتتسارع الأحداث، ويظل الجميع مترقبًا لما سيأتي، التعديل الحكومي المقبل ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو جزء من عملية أعمق وأكبر تهدف إلى تحقيق التوازن والاستقرار في المملكة، ولا يدرك البعض أن هذا التعديل قد يكون بداية لمرحلة جديدة في الحياة السياسية، مرحلة تتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر التحديات،
في النهاية، ستبقى المملكة قوية ومستقرة، بفضل القيادة الحكيمة التي تعرف كيف توجه الأمور في الاتجاه الصحيح، بغض النظر عن أحاديث أولئك الذين لا يعرفون سوى الانتظار والصمت .

التعديل ليس هدفا في حد ذاته، بل صيغة لتحريك متواليات قابلة للتجاوز في أية لحظة.

صحيح أن سقف الطموح لا يخضع لأي إعلان، لكنه موجود بقوة الثقة في الذات .

ولا يجب أن ننسى أن منعطفات التاريخ تحضر بقوة حين يكون المطلوب تغيير العلاقات لا الأشخاص فقط، وتغيير التوازن من أجل توازن أقوى .

نعم، الأمر يحتاج إلى صبر، وخاصة حين ينتظر المتسرعون قرارات ناضجة، وهم في الواقع يستعجلون قرارات فجة .

وفي كل الأحوال، هذا التعديل سيحرك بعض السواكن، وعند التحريك سيظهر الأفق الذي سينير الاختيار الاستراتيجي،
والأهم هو التفكير في هيكلة قاعدية جديدة، تجعل أي حكامة عمودية لا تستقيم إلا بالشفافية التي لا يجادل فيها أحد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى