نجية الرحماني- المقال المغربي
سبق للمغرب أن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الجزائر بشكل تام، يوم 7 مارس من عام 1976، ردًّا من الرباط على مواقف الجزائر، بوقوفها ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وجاءت مواقف الجارة الشرقية للمغرب، مباشرة بعد نجاح المسيرة الخضراء، يوم 6 نونبر 1975، حيث تمكن المغرب من استرجاع أقاليم الصحراء، التي كانت تحت سيطرة إسبانيا، حيث أظهر الحكام الجزائريون عداءهم للمغرب، وانقلبت مواقفهم الداعمة لإنهاء الاحتلال الإسباني للصحراء إلى عداء لوحدة المغرب وسيادته على أراضيه، حيث كانت الجزائر من أشد الداعين إلى طرد إسبانيا، وجعل هذه الأراضي تحت نفوذ عربي سواء المغرب أو موريتانيا، وهو ما عبر عنه الرئيس الجزائري آنذاك الهواري بومدين بقوله: “سواء أصبحت مغربية أو موريتانية.. سواء ذهب جزء منها إلى المغرب وآخر إلى موريتانيا، فإن الشيء المهم بالنسبة لنا هو أن تصبح الصحراء عربية ومسلمة مرة أخرى”.
لكن سرعان ما تغير هذا التوجه بعد أن أصبحت الصحراء عربية مسلمة تحت سيادة المغرب، ليبدأ التوتر والصراع السمة البارزة للعلاقات المغربية الجزائرية بسبب تصريح الرئيس بومدين لصحيفة “لومانيتي” الفرنسية بأن “عودة الصحراء إلى المغرب تعتبر تهديداً للثورة الجزائرية”، وذلك مباشرة بعد دخول اتفاقية مدريد، -التي وقعها المغرب وإسبانيا وموريتانيا- حيز التنفيذ، حيثةنشأت الأوضاع في التأزم وتسارعت الأحداث في المنطقة، مما أنذر باندلاع حرب بين مختلف الأطراف.
شكل دخول “اتفاقية مدريد” حيز التنفيذ نقطة تحول في الصراع المغربي الجزائري، بعد أن تورط الجيش الجزائري في الحرب التي اندلعت في منطقة أمغالا جنوب السمارة، بين عناصر من الجيشي المغربي مع مسلحي “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب”، يناير 1976، حيث أسر الجيش المغربي 101 جندي من الجيش الجزائري برتب مختلفة، وغنم مدرعات ودبابات، لكن الجزائر سرعان ما نفت وقتها ما أعلنه المغرب، مشيرة إلى أن قافلة عسكرية جزائرية كانت تنقل مساعدات إنسانية لصحراويين محاصرين من طرف القوات العسكرية المغربية، وقعت ضحية كمين الجيش المغربي، وتم أسر الجنود.
وواصلت الجزائر التعبير عن مواقفها المعادية لوحدة المغرب الترابية، إذ وجه الرئيس الجزائري هواري بومدين رسائل إلى قادة دول العالم يعلن فيها عن موقف الجزائر الداعم لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم، فضلا عن مواصلة الجزائر تواجدها العسكري بالأراضي المغربية(الصحراء)، وهو ما اعتبره المغرب تواجدا غير مبرر، داعيا جيرانه إلى إعلان الحرب بوجه مكشوف وليس الاختباء خلف مرتزقة “البوليساريو”، بعدما وجه الحسن الثاني رسالة إلى بومدين قائلا:”من أجل شرف بلادكم وشعبكم اللذين تطبعهما كثير من النعوت التاريخية، أناشدكم أن تجنبوا المغرب والجزائر مأساة أخرى، وأطلب منكم كذلك إما أن تعملوا بحرب مكشوفة ومعلنة جهاراً، وإما بسلام مضمون دولياً”، وهو الأمر الذي ردت عليه الجزائر عن قيام “جمهورية الصحراء الغربية” على أراضيها، لتكون القشة أنهت كل المساعي لرأب الصدع، حيث أعلن المغرب بصفة رسمية قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر.