الدكتور المصطفى قاسمي استاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية.
لانحتاج لندرس الشعبوية ان نعود إلى روسيا او أواروبا او أمريكا اللاتنية ، أو نميز فيها بين الشعبوية اليسارية أو اليمينية.
فنحن في المغرب يجب أن نتحدث ان صح القول عن الشعبوية السياسية والشعبوية الدينية .
لمذا ننسى تاريخنا فبعد استرجاع الاستقلال واجهت بلادنا المد اليساري الذي رأى ضرورة الحد من السلطة الملكية ان لم نقل المطالبة بالغائها .وعاش المغرب بنخبته السياسية انداك اشكالية دستورية لا مثيل لها .وبدأنا نتحدث عمن له الحق في الحكم ومن له شرعية في ذلك ورأت الأحزاب انداك ان لها شرعية نضالية باعتبارها دافعت من أجل إسترجاع الاستقلال في الوقت الذي كانت الملكية المغربية مسلحة بشرعية تاريخية ودينية ونضالية. وحسم الأمر خلالها بأن السيادة لملك البلاد أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ورئيس الدولة الحديثة بوضع دستور 14دجنبر 1962.
فجاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة تنامي هذا المد اليساري فكان ان نما في المغرب مد إسلامي معارض لهذا المد لكن سرعان ماهذا المد الإسلامي سينحرف أصبح الكل يتحدث في الدين والسياسة على حد سواء سواء اليسار أواليمين . فجاء خطاب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله تراه الذي كان مماتضمنه ان ليس لأي كان ان يتحدث ويفتي في الدين وأن العالم المتخرج من جامعة دينية هو العالم الحقيقي.
هذا يمكن اعتبار ه سبب اول من أسباب ولادة الشعبوية بأشكالها المختلفة في المغرب.
اما السبب الثاني فيتجلى في ان الدولة من أجل احتواء هذا المد أو ذاك عمدت إلى تدجين بعضهم من الاتجاهين وظل اعضاؤها يحملون في فكرهما هذه الأفكار ولم تنمحي ابدا كلما اتيحت لهم الفرصة تظهر من جديد وظل يرعونها عبر الاجيال حتى اليوم .
أما السبب التالث فهو ان السياسة التي نهجتها الدولة تجاه التيارين معا وجدت فيها العائلات والمجتمع والاحزاب نوعا من الظلم لأبرياء مما ولد سخطا للعديد من الناس تجاه الدولة وعناصرها.
أما السبب الرابع ان آلية الديمقراطية التي هي قناة للتمتيلية وشفاء لغليل المعاناة الشعبية لتلبية مطالبها لم تكن في مستوى تطلعات الشارع المغربي ذلك لأنه في كل لحظة انتخابية يتفاجأ المجتمع والهيئة الناخبة بصعود فئة دونية اجتماعيا تقافيا وسلوكيا فأصبح المغاربة يرون الديمقراطية التي فرحوا بها لاتعدوا الا ان تكون آلية تكرس في كل محطة نفس الوضع القائم دون أي تقدم او تغيير. أما المرحلة التالثة فتتمثل في السخط الشعبي الذي بلغ له المجتمع والذي ظهر في الدول المجاورة في تونس ومصر و ليبيا والجزائر وغيرها والذي بالفعل كان ربيعا مغربيا حافظ فيه المغرب على الاستقرار وتم فيه تعديل الدستور المغربي 2011، لكن بالمقابل اغلب مناصب الدولة وفي كل الاتجاهات أصبح عليها هؤلاء وهؤلاء ومن هنا فالخطر يضل قائما.
السبب الآخر وليس الأخير هو ان الطبقة المتوسطة سحقت والتي هي أساس الاستقرار الحقيقي التي تتكون من رجال الأعمال و رجال الفكر الذين يحبون بلادهم وملكهم أصبحوا ادلة في المجتمع المغربي . اضف إلى ذلك ان حب الملك أصبح علامة على العقاب لا بالنسبة للمفكرين ولا لرجال الأعمال الشرفاء من قبل جهات لايعرف من هي و المتسلقين أصبحوا يضعون أنفسهم في كل الاتجاهات السياسية والاقتصادية داخل الدولة ومن الصعب إرجاع الأمور بالسهل إلى نصابها لأنها اطلعت وتقوت ولايهمها لا التعددية الحزبية ولا حقوق الإنسان ولا الديمقراطية ولا أي شيئ ما يهمها هو نفسها ومصالحها الخاصة. يسقط من يسقط ويصعد من يصعد وهي بنفسها تنتظر وقتها ودورها.
وفي الاخير التعليم أصبح وابلا على الدولة ويجب أن تعرف ذلك فالمسجد والمدرسة والجامعة أصبحت بعيدة كل البعد عن دورها الذي هو تتبيث وترسيخ المنظومة الفكرية للدولة واعادة إنتاجها.
والأسرة لم تعد في معزل عن ذلك فالشعبوية اقتحمت الأسرة والعائلة فماذا بقي اذن؟
ومامصير الدولة المغربية التي تتوسع اقتصاديا في افريقيا وتود ان تكون موردا لأروبا في أفق العشر سنوات المقبلة؟
ان المسألة في الواقع هي ليست فقط مسألة الشعبوية بل هي الازمة التي يعيشها ليس فقط المغرب بل العالم هي أزمة النخبة وأزمة دورة النخب الجادة والفعالة وذات التقة .فحداري حداري مما يمكن ان يحدث و مما هو قادم .