الواجهةمجتمع

مشيخة “آيت بوخيو” المنسية تكابد الفقر والتهميش في عمق الأطلس المتوسط

"الواقع الذي كشفت عنه أحداث ''ظهور الأسد الأطلسي''

بوعزة حباباش – المقال المغربي

يتطلب الوصول إلى سوق اثنين ايت بوخيو، الواقعة بالنفوذ الترابي لجماعة سبت ايت رحو دائرة اجلموس بإقليم خنيفرة، المرور عبر طريق سبت ايت رحو من جهة مدينة خنيفرة، أو عبر طريق الرباط، وعند ملتقى ”النوراغ” يمكن تغيير الاتجاه إلى ايت بوخيو، التي تضم 9 دواوير وتمتد على مساحة جغرافية كبيرة، ترتبط اغلبها بطرق غير معبدة وغير صالحة للاستعمال، بالنظر لتضاريسها الجبلية الوعرة.

جريدة المقال المغربي اختارت زيارة هذه المنطقة بعد رصد نداءات مواطناتها ومواطنيها مطالبة برفع التهميش والاقصاء عنها، هؤلاء الذين يعيشون على هامش الزمن ويقاومون المناخ من أجل الحفاظ على أرضهم ومواشيهم، منتظرين أن تنال منطقتهم حقها في التنمية أو التفاتة حقيقية من لدن المسؤولين للوقوف على وضعهم الاجتماعي المتأزم.

وكانت أولى الفرص في لقاء مع الساكنة، مناسبة لكشف معاناتهم اليومية مع المنتخبين، والقائمين على الشأن السياسي للمنطقة الذين لا يفكرون في هذه الفئات الاجتماعية إلا في أوقات الانتخابات.

طرق مهترئة وغير معبدة

مراد، من ساكنة ايت بوخيو، قال إن العديد من المسالك الطرقية الرابطة بين أغلب الدواوير بالمنطقة توجد في وضعية كارثية.

وأضاف المتحدث ذاته في تصريح للمقال المغربي، أن هذا الإشكال دفع السكان المتضررين إلى كسر قيود الصمت، إذ طالبوا أكثر من مرة ممثليهم في الجهة والجماعة الترابية المعنية ووزارة الداخلية بضرورة التعجيل بفك عزلة الدواوير، التي تزداد أزمة التنقل منها وإليها عند كل مناسبة مناخية ممطرة، وفق تعبيره.

في المقابل، أكد عدد من النشطاء، في تصريحات متطابقة للمقال المغربي، أن إنجاز وتهيئة المسالك الطرقية يكتسي أهمية كبرى بالنسبة إلى سكان هذه الدواوير المتضررين والذين ضاقوا ذرعا من العزلة والتهميش.

وشددت الفعاليات ذاتها، في تصريحات متطابقة، على أن تهيئة الطرق سيشعر المتضررين بالكرامة التي هي حق مشروع لكل مواطن مغربي.

أزمة الماء الصالح للشرب

“كنجيبو الماء من الآبار بعيدة على ديورنا”، عبارة يرددها الجميع من السكان منذ أن وصلنا إلى المنطقة المذكورة أعلاه، مؤكدين أنهم ما زالوا يعيشون حياة التخلف والتهميش، بالرغم من كل الامتيازات التي جاء بها دستور المملكة لسنة 2011، والرامية إلى تحسين عيش المواطن وحفظ كرامتهم، مشددين على “أن أهل المنطقة في أمس الحاجة إلى هذه المادة الحيوية التي لا يمكن لأحد العيش بدونها، خصوصا في مثل هذه الظروف المناخية التي تعيشها المملكة من الجفاف ونضوب الكثير من الآبار بالمنطقة”. مسترسلين: ” على الجهات المسؤولة التحرك من أجل تخصيص ميزانية لهذه الدواوير من أجل تزويدها بالماء الصالح للشرب”.

وحمّل السكان، في تصريحات متطابقة، المسؤولية لـ”رئيس المجلس الجماعي لجماعة سبت ايت رحو، باعتباره ممثلهم ومنتخبهم، على مختلف مظاهر الإهمال والتهميش الذي طالت هذه المنطقة”.

مستوصف صحي: بناية بدون أطر

“صيحاتنا ومعاناتنا لا تلقى آذانا صاغية”، بهذه العبارة بدأ “رشيد. م”، وهو فاعل جمعوي ينحدر من ايت بوخيو، في حديثه مع جريدة المقال المغربي، مشيرا إلى أن المسؤولين يقدمون وعودا معسولة للسكان إبان الأعراس الانتخابية، ويحلفون بأغلظ الأيمان أنهم سيقومون بتحسين الظروف المعيشية للناخبين ودفع عجلة التنمية بالمنطقة، مذكرا أن تلك الوعود الشفهية تبقى شعارات انتخابوية على المنصات الدعائية ولا تتجسد على أرض الواقع، بدليل غياب مرافق اجتماعية ضرورية بالمنطقة، حسب تعبير المتحدث.

وأبدى المتحدث ذاته استياءه من سياسة التهميش والإقصاء والتجاهل التي تنهجها السلطات المنتخبة والإدارية في حق السكان، مستغربا ومتسائلا في الوقت نفسه عن الأسباب التي حالت دون استفادة المنطقة من البرامج التنموية، شأنها شأن باقي المناطق الأخرى بالاقليم، مذكرا بأن قطاع الصحة لوحده يعاني أزمة حقيقية بهذه المنطقة.

وفي ذات السياق، يضيف أن غياب التجهيزات الطبية والأطر الطبية والأدوية الضرورية، مثل أمصال العقارب والأفاعي، في المستوصف الوحيد، يجعل السكان يعيشون في دوامة الخوف، خصوصا مع اقتراب فصل الصيف.

وتلجأ أغلب العائلات والأسر في حالة مرض أحد أفرادها إلى الاتصال بسائق سيارة بيكوب، الذي يستطيع شق المسالك الطرقية الصعبة لنقل المرضى إلى المركز الصحي بأجلموس أو مستشفى خنيفرة؛ لإنقاذ حياته أو يموت في الطريق.

شباب تقتله البطالة

الشباب، بدورهم، يعانون مشاكل البطالة وغياب مرافق للترفيه، بالرغم من مرور عقود من الزمن على إحداث الجماعات الترابية، التي ما زالت لم تجد لنفسها مخرجا، خاصة في ظل سياسة التهميش واللامبالاة التي تنهجها الدولة في حق أبناء الأطلس المتوسط عموما.

واستنادا إلى تصريحات الشباب، فإن كل ركن من أركان المنطقة يئن في صمت بعيدا عن أعين المسؤولين، خاصة أن المنطقة تفتقد إلى العديد من المرافق العمومية، ناهيك عن البطالة التي نخرت أجساد الشباب الذين يجهلون مصائرهم المستقبلية، ليبقوا في قوقعة وبيئة منعزلة ولغياب الوعي وارتفاع نسب الهدر المدرسي بها.

وفي السياق ذاته، أكد ناشط جمعوي، في تصريح للمقال المغربي، أن نسبة البطالة بالمنطقة جد مرتفعة إلى جانب ارتفاع نسبة الهدر المدرسي؛ وهو ما جعل الشباب يقعون فريسة في أيدي مجموعات من المنحرفين، حسب تعبيره.

التعليم والمرافق الثقافية

قال متحدث للجريدة إن “الوضع بالنسبة إلى الشباب لم يتغير منذ عقود ومع تعاقب المجالس المنتخبة والحكومية”، مضيفا “أن العديد من الشباب لا يجيد القراءة والكتابة لمغادرتهم مقاعد الدراسة باكرا ويعانون في صمت، ومنهم من أسعفه الحظ للهجرة إلى الخارج”، حسب تعبير المتحدث.

وتابع قائلا: “وما زاد من تدهور وضع الشباب، الذي راح ضحية الآفات الاجتماعية من جهة أخرى، غياب مؤسسات التعليم الاعدادي والثانوي ومرافق ثقافية وشبابية من شأنها توعية الشباب وفتح الآفاق أمامهم”، مؤكدا أن الجماعة تفتقر إلى مثل هذه المؤسسات والمراكز التي تعتبر متنفسا لصقل مواهبهم.

وعن المؤسسات التعليمية بايت بوخيو، ذكر ذات المتحدث، أن الكشف عن مشروع بناء اعدادية لا زال لم يرى النور رغم الكشف عنه منذ بداية الولاية الانتخابية الحالية، متسائلا عن أسباب تعثره وعدم تنزيله الى وقتنا الراهن رغم ضرورته الملحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى