سليم لواحي ـ خريبكة
شهد اختتام الدورة الخامسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، التي انعقدت من 18 إلى 21 ديسمبر 2024، تكريم لالة زبيدة خلوق، والدة المخرج المغربي حكيم بلعباس، في لفتة خاصة للاعتراف بدورها الحيوي في حياة ابنها وتكوين مسيرته السينمائية. ولدت لالة زبيدة خلوق في مدينة أبي الجعد، حيث نشأت في بيئة ثقافية غنية، وكان لها تأثير كبير على مسار ابنها المخرج الذي بات أحد الأسماء اللامعة في السينما المغربية.
إلهام حكيم بلعباس
لا يُمكن الحديث عن المخرج حكيم بلعباس دون التوقف عند الدور المؤثر الذي لعبته والدته لالة زبيدة في تشكيل رؤيته الفنية وإلهامه في مجال السينما. منذ صغره، كانت لالة زبيدة تروي له العديد من الحكايات التي تتناول قصصًا من التراث الشعبي والموروث الثقافي لمنطقة أبي الجعد. كانت هذه الحكايات تزرع في قلبه حبًا كبيرًا للقصص الشعبية والذاكرة الجمعية، وهو ما انعكس لاحقًا في أعماله السينمائية.
وقد أكّد حكيم بلعباس في أكثر من مناسبة أن والدته كانت مصدر إلهامه الأول، حيث كانت حكاياتها تشكل “غذاء روحيًا” له، ليس فقط في حياته الشخصية بل في مسيرته المهنية أيضًا. يذكر بلعباس أن العديد من أفلامه الوثائقية كانت مستوحاة من القصص التي كانت والدته تحكيها له، فقد كان يرى فيها سحرًا خاصًا وحكمة حياتية جمعت بين الواقع والخيال.
العلاقة بين لالة زبيدة وأبي الجعد
المدينة التي نشأت فيها لالة زبيدة خلوق، أبي الجعد، تعتبر جزءًا لا يتجزأ من السرد القصصي الذي ألهم ابنها. تُعد أبي الجعد مكانًا غنيًا بالتقاليد والثقافة الشعبية التي شكلت جزءًا من هوية لالة زبيدة. كان للمدينة، بمكانتها الروحية والتاريخية، تأثيرًا عميقًا في حياة الأم التي كانت ترى في كل زاوية وشارع من شوارع المدينة قصة تستحق أن تروي.
علاقة لالة زبيدة مع أبي الجعد، المكان، كانت مليئة بالتجارب الروحية والمشاعر التي جعلتها تُعطي لحكاياتها عمقًا مميزًا، وهو ما نقلته إلى ابنها حكيم. فقد كانت دائمًا تروي له عن أساطير المدينة وأبطالها المحليين، وعن الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد التي ميزت المنطقة. وبذلك، أصبحت أبي الجعد بالنسبة لهما معقلًا من المعاني الرمزية، حيث كانت مصدرًا للإلهام المدهش الذي أسهم في تشكيل أفكار وأعمال حكيم بلعباس السينمائية.
التأثير المتبادل بين الأم وابنها
في سياق التأثير والتأثر بين لالة زبيدة وولدها حكيم، يمكن القول إن العلاقة بينهما كانت دائرة من الإلهام المشترك. فعلى الرغم من أن لالة زبيدة كانت مصدر الإلهام الأول لابنها، فإن حكيم بلعباس أيضًا كان يعكس تأثيره الكبير على أمه من خلال أعماله السينمائية، التي كانت بمثابة تجسيد لروح المكان والتقاليد التي نشأ فيها. لقد شكلت أفلامه الوثائقية منصة لتحويل تلك الحكايات الشعبية إلى صور حية تنبض بالحياة، محورها الأساسي هو الإنسان والذاكرة الجماعية.
تكريم لالة زبيدة خلوق
في حفل الافتتاح، تم تكريم لالة زبيدة خلوق، وذلك تقديرًا لدورها الهام في التأثير على مسار ابنها المبدع حكيم بلعباس. تم تسليط الضوء على حكاياتها التي كانت لها أهمية خاصة في بناء هوية ابنها السينمائية، وكذلك على علاقتها الحميمة بمدينة أبي الجعد التي تعتبر خلفية لعديد من أفلام حكيم. تكريم لالة زبيدة خلوق جاء ليُبرز قيمة الإلهام الشخصي في عملية الإبداع الفني، وكيف أن تجارب الحياة الشخصية يمكن أن تكون أساسًا لقصص مؤثرة تلامس الواقع وتعكس روح المجتمعات.
في ختام الحفل، عبّر حكيم بلعباس عن امتنانه العميق لأمه، مؤكدًا أن تكريمها هو تكريم لكل أم أثرت في حياة أبنائها وألهمتهم ليصبحوا مبدعين في مجالاتهم.