الواجهةثقافة وفن

الأكاديمي الإيطالي ألدو نيقوسيا يفكك لغة الضاد بين الكتابي والشفهي

سليم لواحي ـ خريبكة

في إطار الاحتفال باللغة العربية استضافت الكلية المتعددة التخصصات ألدو نيقوسيا ضيف الندوة الشرفي البروفيسور ألدو نيقوسيا أستاذ اللغة العربية في جامعة باري الإيطالية هو أكاديمي بارز في مجال الدراسات العربية، أستاذ جامعي متخصص في اللسانيات، وله العديد من الأعمال الأكاديمية التي تركز على اللغة العربية، اللهجات العربية بشكل خاص، وكذلك الدراسات الثقافية المرتبطة بالعالم العربي والإسلامي، وله تأثير كبير في الأبحاث المتعلقة باللغة العربية والدراسات الاستشراقية، نيقوسيا قدم العديد من الإسهامات في دراسة اللغة العربية، خاصة في سياق تدريسها لغير الناطقين بها.

عمل ألدو نيقوسيا على تحليل اللغة العربية الفصحى واللغات الشفهية اللهجات العربية في سياقات تعليمية وعلمية، وشارك في العديد من الدراسات حول كيفية تدريس اللغة العربية بشكل فعال للأجانب.

واحدة من أبرز مساهماته هي تلك التي تتعلق بالصعوبة التي يواجهها غير الناطقين بالعربية في تعلم اللهجات العربية الشفهية مقارنة بالفصحى.

وفي معرض حديثه عن لغة الضاد أكد ألدو في مداخلته ان السبب في تدريس أصول اللغة العربية في تاريخ إيطاليا يعود لمغربي كان أول سفير للسلطان السعدي في إيطاليا اسمه أحمد بن قاسم المكناسي كان شخصية بارزة في تاريخ العلاقات المغربية الأوروبية.

وُلد في مدينة مكناس في أواخر القرن السادس عشر، وكان شخصية متعددة المواهب، حيث جمع بين العلم والديبلوماسية والكتابة. في عام 1610، أرسله السلطان زيدان الناصر السعدي في مهمة سفارية إلى إسبانيا ثم إلى إيطاليا، بهدف التفاوض حول قضايا سياسية وتجارية. يُعتبر المكناسي من أوائل من وثّقوا هذه الرحلات في كتابه الشهير “الإكسير في فكاك الأسير”، حيث قدّم وصفًا دقيقًا للمجتمعات الأوروبية التي زارها، وتناول فيها عاداتها وثقافاتها.

أحمد بن قاسم المكناسي، بعد رحلته الشهيرة كسفير ومفاوض، أصبح له دور في نشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية في إيطاليا بفضل معرفته العميقة باللغتين العربية والإسبانية، إلى جانب اهتمام الأوروبيين خلال تلك الفترة بالثقافة العربية والإسلامية.

حدث ذلك من خلال:

1. ترجمة الكتب والنصوص التي كان المكناسي على دراية بها وباهتمام الأوروبيين بالمخطوطات العربية، خصوصًا تلك المتعلقة بالعلوم والفلسفة. كان هناك طلب كبير على ترجمة النصوص العربية إلى اللغات الأوروبية، مما جعله مصدرًا مهمًا في هذا المجال.
2. تعليم اللغة العربية: بعد نجاحه في إقامة العلاقات الدبلوماسية، استقر لفترة في إيطاليا وبدأ بتدريس اللغة العربية في إطار تبادل ثقافي، حيث كان يُعلِّم الأوروبيين أساسيات اللغة العربية من أجل تمكينهم من فهم النصوص الدينية والعلمية التي كانت تُترجم.
3. علاقاته مع المستشرقين: خلال رحلته، التقى المكناسي بعدد من المستشرقين والعلماء الذين كانوا مهتمين بدراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية. بعض هؤلاء العلماء عملوا على إنشاء مراكز دراسية لتعليم اللغة العربية، وقد يكون دوره بارزًا في التعاون معهم.
4. التواصل الدبلوماسي والثقافي: وجوده في إيطاليا كديبلوماسي وسفير مهد له الطريق ليصبح شخصية معروفة بين النخب المثقفة، ما جعله مؤثرًا في نشر اللغة العربية وتعليمها، خاصة أن هناك فضولًا كبيرًا في تلك الحقبة لفهم العالم الإسلامي.
5. اهتمام الكنيسة والأوساط الدينية: الكنيسة الكاثوليكية كانت تسعى لفهم اللغة العربية لأغراض دينية، مثل قراءة القرآن والرد عليه، أو التواصل مع العالم الإسلامي. هذا الاهتمام ساهم في تعزيز مكانة المكناسي كمدرس ومترجم.

من خلال هذا الدور، أصبح المكناسي جسرًا بين الثقافتين المغربية والأوروبية، ولا تزال سيرته شاهدة على أهمية التبادل الثقافي بين الحضارات.
منهجية ألدو نيقوسيا في تدريس اللغة العربية الفصحى “أسهل” بالنسبة للمتعلمين من غير الناطقين بها، وذلك نظرًا لأن الفصحى هي اللغة الرسمية الموحدة التي تدرس في المدارس والجامعات العربية، كما أنها اللغة التي تُستخدم في الإعلام، الأدب، والدين، وبالتالي، تعتبر الفصحى أكثر قابلية للتعلم من قبل الأجانب نظرًا لأنها موحدة أكثر من اللهجات العربية المختلفة.

في المقابل، اللغة العربية الشفهية اللهجات المحلية تعتبر أكثر تعقيدًا وتنوعًا، حيث تختلف اللهجات بشكل كبير بين الدول العربية، وقد يتعذر على المتعلم أن يفهم أو يتقن اللهجة الشفهية المستخدمة في مكان معين إذا لم يكن لديه تفاعل مباشر ومستمر مع أهل تلك المنطقة. هذه الفروق بين الفصحى واللهجات هي من أبرز التحديات التي يواجهها الدارسون للغة العربية في السياقات غير العربية.

شارك ألدو في العديد من المؤتمرات والأبحاث التي ناقشت تعليم اللغة العربية، وتحديات تدريس اللغات الشفهية، وأهمية فهم السياقات الاجتماعية والثقافية في تعلم العربية. وقد تناول في أبحاثه النقاط التالية:

1. تدريس الفصحى مقابل اللهجات: أكد على التحديات التي يواجهها غير الناطقين بالعربية عند تعلم اللهجات العربية المحلية مقارنة بالفصحى، مشيرًا إلى ضرورة استخدام أساليب تعليمية مرنة ومتنوعة.

2. البحث في تأثير اللغة على التفاعل الاجتماعي: درس كيف يمكن أن تؤثر اللغة العربية بفصحاها ولهجاتها على التواصل بين الأفراد في العالم العربي وخارجه، وخصوصًا في السياقات الثقافية والدينية.

3. التركيز على التربية اللغوية: نيقوسيا ركز على ضرورة بناء منهجيات تعليمية شاملة تساعد في تدريس اللغة العربية بشكل يناسب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.

ألدو نيقوسيا هو واحد من الأكاديميين المبدعين الذين ساهموا في تطوير الدراسات العربية في أوروبا، لا سيما في إيطاليا، من خلال أعماله وأبحاثه، ساعد في تذليل التحديات التي يواجهها المتعلمون للغة العربية، خصوصًا في السياقات الجامعية، وركز على أهمية تطوير أساليب تعليمية مبتكرة ومناسبة للطلاب غير الناطقين بالعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى