قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن تعاملات المغاربة بالمحافظ الإلكترونية البالغة نحو 8 ملايين لا ترقى إلى مستوى التطلعات، رغم أن منظومة الأداء عبر الهاتف، التي تسعى إلى تقليل التعامل بـ”الكاش”، جاهزة منذ سنوات، مشيراً إلى أن هذا الواقع يدفع إلى التفكير في فرض ضريبة على التعامل بالنقد.
ودعا الجواهري خلال ترؤسه ندوة صحافية حول موضوع الشمول المالي، أول أمس الأربعاء، إلى العمل على تغيير ثقافة المغاربة بتبيان سلبيات التعامل بـ”الكاش” وإيجابيات الأداء عبر الهاتف، وتحفيز المضي نحو هذا التوجه عبر اعتماد التحويل الرقمي في ما يخص برامج الدعم العمومي.
وانضم بذلك والي بنك المغرب إلى الأصوات المشجّعة على التعامل بالأداء الإلكتروني بدل النقد، لما له، حسبه، من الإيجابيات والمحفزات، لاسيما في ظل الدينامية التي يعرفها المغرب في مجال التحول الرقمي والرقمنة، ومسايرة التطور الحاصل في هذا المجال على المستوى الدولي.
مصطفى ملوي، رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقمية، قال إن من إيجابيات التوجّه نحو الأداء الإلكتروني ما يتعلّق بالجانب الأمني، خاصة تقليص نسبة جرائم السرقة التي يتعرّض لها المواطنون بشكل يومي، ثم تتبع وتوثيق المعاملات المالية بطريقة دقيقة، الأمر الذي سيُساهم في تقليص معدّل الجريمة المالية والتهرب الضريبي.
وأضاف ملوي، في حديثه إلى هسبريس، أن للتوجه الكامل مستقبلا نحو الأداء الإلكتروني في المغرب إيجابيات اقتصادية أيضاً، أهمها تقليص الكلفة الباهظة المخصّصة لسك العملة، ما يسمح باستثمار هذه الميزانية في مجالات أخرى، مستحضراً في الوقت ذاته التسهيلات التي سيتيحها الاعتماد على هذا النوع من الأداء للمغاربة خارج المغرب، إذ سيعفيهم من شراء العملة المحلية لبلد معيّن.
وتوقّف الخبير في المجال الرقمي أيضا عند سلبيات هذه الخطوة، التي تتمثّل أساساً في مخاطر اختراق الحياة الخاصة للأفراد، التي تفرضها تطبيقات الأداء الإلكتروني على المستخدم، كمنح تراخيص الوصول واستعمال مجموعة من المعطيات الخاصة داخل الهاتف أو الحاسوب التي يمكن أن تستعمل ضده في حال وقوعها في أياد خطأ، إلى جانب مخاطر اختراق الحسابات البنكية التي تعرف تناميا ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ثم المشاكل التقنية التي قد تشل الحركة الاقتصادية للبلاد بسبب عطل تقني واحد.
عدم توفّر الإمكانيات التقنية أو المادية للاستفادة من هذا النوع من الخدمات يطرح أيضا، بالنسبة لمصطفى ملوي، إشكال المساهمة في بروز نوع من التفاوت الطبقي والاجتماعي، لاسيما في ظل “وجود 15 مليون مغربي بالغ لا يتوفرون على حساب بنكي حسب أرقام 2021″، وفق المعطيات التي قُدمت بمناسبة زيارة الملكة ماكسيما زوريجويتا، ملكة الأراضي المنخفضة، بصفتها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون التمويل الشامل من أجل التنمية.
ويوصي رئيس المرصد الوطني للسيادة الرّقمية في هذا السياق، أولا، بتعزيز الثقة الرقمية لدى المغاربة، عبر عمل المؤسسات البنكية بالبلاد على تدعيم بنيات الحماية لأنظمتها المعلوماتية، بهدف طمأنة الزبائن وتشجيعهم على التوجه نحو الأداء الإلكتروني، داعيا في الوقت ذاته إلى توعية وتحسيس المواطنين بالمزيد من الحذر في تعاملهم مع تطبيقات البنوك والأداء، وكل ما يتعلق بها من رسائل وإشعارات وواجهات مواقع تحمل شعارات بنوك قد تكون في كثير من الأحيان زائفة واحتيالية.