بقلم ذ.عزالدين فدني*
أغلب الشعوب العربية والإسلامية، إلا البعض منها، أشادت بمواقف بعض الشعوب الأوروبية والأمريكية المؤيدة للقضية الفلسطينية والمنددة بجرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني الإسرائيلي ضد إخواننا بقطاع غزة، بدعم من الكيان الصهيوني الأكبر، ممثلا في أمريكا وحلفائها .
إلا أن موقف هذه الشعوب (مع التذكير بأنها هي من انتخبت حكامها المجرمين) تصبح مجردة من كل معنى سياسي، بل ويصبح من الغباء تصديقها، حينما نستحضر أن بلدانا أخرى لاتزال تعاني من احتلال دولهم لها ولمدة وصلت في بعضها لعشرات القرون، وقبل الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
ولعل أقرب وأبرز مثل يمكن أن نسوقه نحن المغاربة هو الاحتلال الإسباني لأراضينا المغربية، وتحديدا مدينتي سبتة ومليلية اللتين شارف احتلالهما على الخمسمائة عام، إضافة إلى جزر أخرى، دون أن ننسى المجال الجوي لأقاليمنا الصحراوية المحررة، الذي لايزال بدوره تحت سيطرة نفس المحتل الإسباني.
وبناء عليه، يكون مطلوبا من الشعوب التي تطالب بتحرير فلسطين ومنها الشعب الإسباني بشكل خاص، أن يطالب حكومة بلاده،(مع أن هذا الطلب غير متوقع ) بإنهاء احتلاله للأقاليم المغربية التي لايزال يستعمرها برا وبحرا وجوا، وإلا كانت مواقفه من تحرير فلسطين والتنديد بجرائم الكيان الصهيوني مجرد لعبة سياسية مكشوفة، فرضتها المصالح التى تربطها بعدد من الشعوب العربية والإسلامية.
ولعل خروجا رسميا مغربيا للمطالبة دوليا بتحرير الأراضي المغربية المغتصبة من الاستعمار الإسباني هو من سيكشف حقيقة صدق المشاعر الإسبانية الشعبية والرسمية من القضية الفلسطينية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات على كافة الأصعدة، وأن كان هذا الخروج غير متوقع على المدى القريب لاعتبارات سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية تستحضرها الدولة لتأجيل أية مطالبة باستقلال أراضينا، مع أن ما سلب بالقوة لا يسترجع إلا بالمقاومة.
والخلاصة أن أي موقف شعبي أو رسمي معارض لأي احتلال لبلد آخر أو جزء منه، ينبغي أن يكون مبدأ عاما لا أن تتحكم فيه العواطف ويجزأ حسب المصالح والعلاقات مع هذه الدولة أو تلك. لكن للأسف هذه هي الحقيقة التي ستستمر طالما أن أوضاعنا السياسية، بشكل خاص، لاتزال على حالتها الراهنة، وتتحكم فيها عوامل داخلية وخارجية أكبر منها.
*محام بهيئة خريبكة وناشط حقوقي