تربية وتعليمثقافة وفن

الباحث رشيد بلفقيه يناقش أطروحة دكتوراه في البلاغة والمسرح

نورالدين ثلاج – المقال المغربي 

ناقش الباحث، رشيد بلفقيه، يوم الإثنين 15 يوليوز 2024 بكلية اللغات والآداب والفنون بالقنيطرة, أطروحة في تحليل الخطاب المسرحي بعنوان” بلاغة العرض المسرحي: مقاربة بلاغية لعروض مغربية معاصرة (2013-2023)”، أشرف عليها الدكتور محمد هموش ضمن تكوين “المسرح وفنون العرض.

حظيت الأطروحة باستحسان لجنة المناقشة التي تكونت من الأساتذة لطيفة الأزرق رئيسة ومقررة، والأستاذة نعيمة الواجيدي مقررة، والأستاذة ثريا وقاص مقررة، والأستاذ السعيد اللبيب فاحصا، ومنحته درجة مشرف جدا مع التوصية بالطبع تنويها بجديتها وجدتها في مجال البلاغة والخطاب.

عملت الأطروحة على الإفادة من التجارب التجديدية في مجال الدراسات البلاغية والحجاجية لمجموعة من البلاغيين المغاربة والعرب لا سيما محمد أنقار، عبد السلام المسدي، محمد مشبال، محمد الولي، محمد العمري، عماد عبد اللطيف، الحسين بنوهاشم … إلخ. كما استفادت بشكل جلي من أعمال الباحث Martin Mercier الذي وظف البلاغة لتحليل مشاهد مسرحية، رغم أنه أعماله اقتصرت على تحليل مشاهد مسرحية، وهو ما حاولت الأطروحة في شقها التطبيقي تجاوزه بالاشتغال على عروض مسرحية كاملة، بالإضافة طبعا إلى أعمال آن أوبرسفيلد، باتريس بافيس، وتادوز كوزان، ولويس تينيون luis thenon (خصوصا في مجال تقطيع العرض المسرحي)، وآن روربول، وثادوز كوزان وغيرهم.

استهدفت الأطروحة-حسب مقدمتها- تجاوز النقص في مجال الدراسات البلاغية التي درست العرض المسرحي دراسة بلاغية، كما استهدفت توظيف آليات البلاغة الجديدة (الحجاج) لتقصّي استراتيجيات الإبلاغ والإقناع في عروض مسرحية مغربية معاصرة تنتمي إلى الحقبة المشار إليها، بوصفها مقاربة حديثة تطمح إلى تناول خطابات متنوّعة، وبوصفها مقاربة منشغلة بسؤال التداخل بين الغاية الفنية التخييلية والغاية التواصلية التداولية التي لا تقف عند حد نقل الدلالة وإنما ترى في الارتقاء بعملية التعبير إلى مستوى الكمال الفني استراتيجية تسعى إلى زيادة درجات الإقناع والتأثير في المتلقي.

تحدد مجال الاشتغال بسؤال مؤطّر هو “هل يمكن للبلاغة ذات المنشإ اللغوي (الشعري والنثري) أن تدرس متونا بصرية؟ وما هي إمكانيات استغلالها في تلقي خطابات مسرحية وتأويلها؟”.

ركز سؤال تأمل إمكانيات البلاغة الجديدة (الحجاج) في تلقي وتأويل خطابات ذات طبيعة بصرية، على مفهومها النسقي الذي سعى إلى جعل البلاغة علما أعلى يشمل التخييل والحجاج معا.

ولمعالجة هذا الإشكال، قُسّمت الأطروحة إلى شقين نظري وتطبيقي، إذ تم في الشق النظري تتبع مسارات البلاغة، وتحولاتها منذ ظهورها وصولا إلى عصرنا الحالي، ثم عُقدت مقارنة بينها وبين مسارات تحول كل من الدراماتورجيا، والسينوغرافيا ليخلص الباحث إلى وجود تشابه بين هذه المفاهيم (الدراماتورجيا-البلاغة-السينوغرافيا) تأسّس على انتقالها جميعها من الدور التزييني الضيق إلى الدور الوظيفي في بناء المعاني في العرض المسرحي بناء بغايات إقناعية محضة.

تتبع الباحث في الشق نفسه تحولات الدرس النقدي المسرحي منذ النقد الانطباعي وصولا إلى النقد الجامعي، كما تتبع مسارات تطور المسرح المغربي أيضا.

تركّز اهتمام الباحث في هذا الشق على مفهوم الكتابة الدرامية بوصفه مفهوما تُمَكّن تحولاته من تبيّن ملامح المسرح المغربي وتحولاته بالنّظر إلى تأثّر هذا المفهوم بالتّيارات النّقدية التي تأثر بها فعبرت تعبيرا دقيقا عن تحولات المسرح المغربي.

في الشّقّ التطبيقيّ، الذي قسّم إلى ثلاثة فصول، عمل الباحث رشيد بلفقيه على استغلال الخلاصات والمفاهيم الّتي بسطها في الشقّ النظري ووظفها في تحليل سبعة عروض مسرحية وفق سماتها البارزة، بوصف هذه السمة مدخلا رئيسيا لفهم العرض وتلقّيه، دون تجزيء متعسّف، واشتغل على سبغة عروض مسرحية تنتمي إلى ما يسمى بالمسرح ما بعد الدرامي.

خلصَ الباحث من بين ما خلص إليه إلى مساهمة السّخرية في تفكيك الحجج وتركيبها وفق استراتيجية إقناعية تضمن تقبلها أثناء عرضها، دون أن استفزاز المتلقي مستغلة أساليب من قبيل التورية، والرمز، والاستعارة … إلخ، وهو ما جعل العديد من الاستراتيجيات الحجاجية تحقق وظيفتها الإقناعية دون أن تعلن عن نفسها بشكل صريح يستعدي قناعات المتلقي واختياراته. كما برز هذا الأسلوب بشكل خاص في تحديد المعالم الخارجية للشخصيات من خلال تضخيم بعض أعضاء جسمها أو تشويهها، أو تبئير بعض صفاتها الخلقية والمبالغة في تصويرها بشكل “غروتيسكي” ساخر جعلها في العديد من المواقف تصير علامة بلاغية ترمز لطبقة اجتماعية معينة، أو رمزا لثقافتها وأنماط تصرفاتها، أو سمة محددة لها.

برزت آثار أساليب علم البيان، وعلم المعاني، وعلم البديع، بوصفها أساليب تتخذ تمظهرات بصرية في بناء الجسد كالتجانس في عرض الأجساد، أو الطباق في تركيبها في بعض المشاهد، والحذف والتقديم في تزيينها … إلخ، وهو ما منح الجسد وخطابه دورا حجاجيا، وعزّز وظيفته في بناء الاستراتيجية الحجاجية الإقناعية في العروض المسرحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى