وفاة المعماري المغربي الكبير عبد الرفيع الحبابي

علاء حليفي

في الأيام الأولى من شهر رمضان 2024، فقدت الساحة المعمارية والثقافية بالمغرب المهندس المعماري عبد الرفيع الحبابي، بعد تاريخ حافل بالعطاء والتجديد كمهندس معماري وباحث وأستاذ جامعي درس وأشرف على جيل كامل من المعماريين الشباب بالمغرب.

وفضلا عن كونه مهندسا معماريا، فهو دكتور في العلوم الحضرية من جامعة العلوم الاجتماعية في غرونوبل، وقد بدأ حياته المهنية بمهمة في المديرية المركزية للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان.  كما كان من المؤسسين لأول مدرسة عمومية للهندسة بالمغرب في سبعينيات القرن الماضي ودرس فيها لأثني عشر عاما قبل أن يتفرغ لعمله كمهندس معماري خاص حيث نفذ العديد من المشاريع في مجالات التخطيط السكني والصناعي والمؤسسي والتعليمي والحضري.

بعد هذه المهنة الطويلة، شعر عبد الرفيع لحبابي بالحاجة الملحة إلى التغيير والتجديد، والتفرغ للعمل النظري كأساس لكل ما هو التطبيقي. وهكذا سيخوض مبادرة مهمة أخرى سنة 2004، بعد قرار الحكومة بإنشاء أول مدرسة هندسة معمارية جديدة بالمغرب، وقد تم اختياره مع فريقه لتنفيذ هذا بصفته المدير التنفيذي، وقد استطاع – كما سيؤكد ذلك- فعلا خلق مدرسة متميزة وحديثة ومبتكرة ومنفتحة على آفاق الحداثة المعمارية وإشكالياتها، حيث قدم للطالب رؤية خاصة تعنى بالخلفية الثقافية والاجتماعية والبيئية للمهنة.

 وقد تجلى اهتمامه بالبحث والابتكار في مؤلفاته، حيث ألف كتاب “العمارة الإقليمية للريف المغربي ، وعدد من المقالات والمحاضرات العلمية، كما كان عضوًا في جوائز هولسيم الدولية للعمارة المستدامة.

تعرفتُ على عبد الرفيع لحبابي وأنا طالب في المدرسة التي ساهم في تأسيسها، حيث عُرف بتفانيه وتشجيعه على البحث والتجديد، وكذا علاقته الطيبة بالطلاب التي تجاوزت شكليات منصبه، فكان بمثابة أب ومرشد يشجع على الإبداع في مهنة لطالما آمن بأنه لا يجب اختصارها في أعمدة بناء وجدران، وإنما نواة أفكار وثقافات وميادين متعددة.

وقد  ظل عبد الرفيع الحبابي، حتى آخر أيام حياته، متفانيا لعمله الأكاديمي ولمستقبل العمارة والمعماريين بالمغرب، وسوف يظل دوما، من أهم الشخصيات في الساحة المعمارية المغربية، ببصيرته ورؤيته الخاصة والملهمة لمهنة الهندسة المعمارية وتدريسها، وسوف تعيش أفكاره ورؤاه، تراثا لا يفنى لجيل كامل من المعماريين الشباب بالمغرب.

Exit mobile version