بقلم ذ.عصام أمكار
منذ استقلال المغرب عام 1956، عرفت الحياة السياسية المغربية تطورًا ملحوظًا، حيث ظهرت العديد من الأحزاب السياسية التي شاركت في الانتخابات وشكلت الحكومات. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، بدأت بعض الأصوات تتعالى لتشكك في جدوى الأحزاب السياسية في المغرب، وتطرح السؤال حول ما إذا كانت قد انتهت الحزبية في البلاد .
الحزبية في المغرب: بين الواقع والتوقعات
على المستوى النظري، تلعب الأحزاب السياسية دورًا أساسيًا في الحياة الديمقراطية، حيث تعمل على التعبير عن مصالح المواطنين وتنظيم مشاركتهم في العملية السياسية. ومع ذلك، في المغرب، تواجه الأحزاب السياسية العديد من التحديات التي تؤثر على قدرتها على أداء هذا الدور، ومن أهمها ؟
غياب الرؤية السياسية المشتركة: تعاني الأحزاب السياسية المغربية من غياب الرؤية السياسية المشتركة، حيث يركز كل حزب على أهدافه الخاصة دون الاهتمام بالمصالح العامة.
الفساد المالي: تعاني العديد من الأحزاب السياسية المغربية من الفساد المالي، حيث يتم استغلال المال العام لصالح الحزب والمسؤولين فيه .
ضعف التمثيل الشعبي: لم تتمكن الأحزاب السياسية المغربية من تحقيق تمثيل شعبي حقيقي، حيث تعتمد على التحالفات الانتخابية لكسب الأصوات .
عدم الثقة في الأحزاب السياسية: فقدان المواطنون المغاربة الثقة في الأحزاب السياسية، حيث يعتقدون أنها غير قادرة على تحقيق التنمية والتغيير.
العوامل المؤثرة على الحزبية في المغرب
بالإضافة إلى الأسباب الداخلية التي تؤدي إلى تدهور وضع الأحزاب السياسية المغربية، هناك أيضًا عوامل خارجية تؤثر على الوضع السياسي في البلاد، ومن أهمها:
تحولات المجتمع المغربي: شهد المجتمع المغربي تحولات عميقة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح أكثر حداثة، الأمر الذي أدى إلى تراجع دور الأحزاب السياسية التقليدية .
تأثير القصر الملكي: يمارس القصر دورا محوريا، وهذا الدور يتطلب أن تملأ الأحزاب المساحات السياسية المحيطة بالمحور، من أجل خلق توازن يحمي التنافس الحزبي من أي انهيار يهدد المصالح العليا للوطن.
لكن الاحزاب عاجزة عن اداء هذا الدور، بل ان الاتجاهات المتحكمة في تسيير الاحزاب تستثمر هذا العجز كمورد سياسي للمصالح الشخصية و العائلية. مما يجعلنا أمام خيارين: إما أن نقبل بموت الحزبية أو بموت السياسة.
المستقبل السياسي للمغرب: هل نحن على مشارف نهاية الحزبية؟
في ضوء ما سبق، يمكن القول أن الأحزاب السياسية المغربية تواجه العديد من التحديات التي تؤثر على قدرتها على أداء دورها في الحياة السياسية. وقد أدى هذا إلى ظهور أصوات تشكك في جدوى الأحزاب السياسية في المغرب، وتطرح السؤال حول ما إذا كانت قد انتهت الحزبية في البلاد.
ومع ذلك، ما يزال هناك أمل في إنقاذ الحزبية في المغرب، وذلك من خلال إصلاح الأحزاب السياسية نفسها، وتعزيز دور المواطن في الحياة السياسية .
اقتراحات لإصلاح الأحزاب السياسية المغربية
فيما يلي بعض الاقتراحات لإصلاح الأحزاب السياسية المغربية:
تعزيز الشفافية: يجب أن تكون الأحزاب السياسية مفتوحة وشفافة فيما يتعلق بتمويلها وأنشطتها. يجب على الأحزاب نشر معلومات حول مصادر تمويلها وكيفية استخدام هذه الأموال.
محاربة الفساد: ينبغي أن تتخذ الأحزاب إجراءات صارمة ضد الفساد داخل صفوفها، والتصدي لأي تجاوزات مالية وتعزيز مبادئ النزاهة والمساءلة.
توسيع التمثيل: يجب على الأحزاب أن تعمل على زيادة التمثيل الشعبي. يمكن ذلك عبر جذب مجموعات متنوعة من المواطنين وتشجيع المشاركة السياسية للشباب والنساء.
بناء الرؤية المشتركة: ينبغي على الأحزاب السياسية التعاون معًا لتطوير رؤية مشتركة لمستقبل المغرب. هذه الرؤية يجب أن تركز على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
تشجيع المشاركة المواطنية: يجب على المواطنين المشاركة بنشاط في العملية السياسية. يمكن ذلك من خلال التصويت في الانتخابات والمشاركة في النقاشات العامة حول القضايا الوطنية
إذا نجحت الأحزاب السياسية المغربية في تحقيق هذه الاقتراحات، فسوف تتمكن من لعب دورها الحقيقي في الحياة السياسية، وتحقيق التنمية والتغيير في المغرب.
في النهاية، لا يمكن الجزم بنهاية الحزبية في المغرب، وذلك لأن مستقبل الأحزاب السياسية في البلاد يعتمد على قدرة الأحزاب نفسها على تجاوز التحديات التي تواجهها، وقدرة المجتمع المغربي على دعم الأحزاب السياسية وتعزيز دورها في الحياة السياسية .