نظرات في المنجز الشعري العربي: الحداثة وما بعدها

مصطفى لفطيمي

في كثير من قراءاتي المتعددة سواء في الدواوين أو في المجموعات الشعرية التي تصدر بين الفينة والأخرى أقف عند ملاحظةٍ رئيسةٍ تتمثل في هيمنة ما يمكن أن أسميه بـ”التقريرية”، وما يترتب عنها من ضعف في العوالم الفنية والجمالية، وأساساً في العوالم التصويرية، والتخييلية في النصوص والقصائد .

فهل تعتبر التقريرية عيباً في الكتابة الشعرية؟

يبدو لي أن الشاعر نوعان:

شاعر يشكل الصورة من إحساسه بالأشياء، وشاعر آخر يشكلها انطلاقاً من رؤيته لهذه الأشياء، وهذا التعاطي المزدوج مع الشعر يجعلني ألتمس الأعذار في كتابات بعض الشعراء، ومع هذه الأعذار التي أبررها شعرياً، وشعورياً من خلال انخراط العديد منها في مشروع الحداثة الشعرية، إلا أنني لا أرى مسوغاً، ذاتياً أو موضوعياً، لوقوع بعض الشعراء في ظاهرة الهتاف الشعري التي بدأت تتسع وتتمدد في القصيدة الشعرية الراهنة .

إن ظاهرة الهتاف الشعري هي الوجه الآخر للتقريرية في الشعر، ويمكن أن نستدل على هذه الظاهرة الجديدة/القديمة بنصوص الشاعر التونسي أنيس شوشان، أو بنصوص الشاعر المصري هشام الجخ، على أني أستثني نصوص وكتابات الشاعر العراقي أحمد مطر .

إن هذه الكتابات عند الشاعرين، وعند غيرهما، هي الحجة الواضحة – كما أتصور – على أن الشاعر يجنح نحو التقريرية أكثر من جنوحه نحو عوالم التخييل والتصوير، وهي حجة ثانية على أن الشاعر يغلب عليه الهتاف اكثر ما تغلب عليه الرؤية الفنية التي تمنح النصوص الشعرية ذائقة ابداعية لا تحققها في تقديري سوى عوالم التخييل الفني .

ولذلك يلجأ كثير من الشعراء إلى اللغة المفهومة، الواضحة، القريبة من لغة الحديث اليومي، رغم الحاجة إلى توابل “الشعرية” من انزياح، و استعارة، وأنسنة وغيرها .

Exit mobile version