مراكش: كلية اللغة تنظم ندوتين علميتين ترسيخا لثقافة الاعتراف والتكريم

نورالدين ثلاج -المقال المغربي 

نظّمت كلّية اللغة العربية بمعيّة مختبر تكامل المناهج في تحليل الخطاب ندوتين دوليّتين تكريميّتين، يوميْ الثلاثاء والأربعاء 29 و30 أبريل 2025؛ خُصِّص اليوم الأوّل لتكريم الدكتور حسن جلاب العميد الأسبق للكلية، بينما خُصِّص اليوم الموالي لتأبين الدكتورة عتيقة السعدي مديرة المختبر قيد حياتها، وذلك ترسيخًا لثقافة الاِعتراف بمجهودات أساتذتها في مجال تربية الأجيال الطلّابية وتكوينها، والبحث العلميّ وتكريس التّفوق والتّحفيز عليه.

أنجزت مداخلات اليوم الدراسي الأول الذي حمل شعار “أدب الغرب الإسلاميّ: أنماط الخطاب وأنساق التأويل”، ونسّق أعمالَه كلٌّ من الدكتور عبد الفتاح شهيد، والدكتورة وردة البرطيع، والدكتور عبد الرحمن إكيدر، والدكتور فيصل أبو الطفيل، (أنجزت) في المشروع العِلمي للدكتور حسن جلاب وهو الأستاذ السّابق في الكلية ذاتها، والذي أسهم بشكل كبير في ترسيخ البحث العلمي بها، كما فتحَ آفاقًا معرفيّة جديدة لطلبتها وأساتذتها آنذاك، حيث تنوّعت مداخلات المشاركين بين قراءاتٍ وصفيّة وأخرى استقرائيّة لمشروع الأستاذ المحتفى به، بينما حاولت أوراق أخرى التّعمّق أكثر في منجزه العلمي وذلك بتتبّع الأنساق الفلسفيّة الثاوية في الخطاب الصّوفي، وأخرى سلكت المنهج التاريخي الدياكرونيّ في تتبّع مسار التأريخ للأدب، وأخرى اهتمت بالملامح الجماليّة في علاقتها بالتّشكّل الدّلالي في الخطاب الشعري المغربي التّليد، فيما سبرت أوراق أخرى أغوار التّصوف المغربي في كتب الأستاذ، بينما لامس بعض الباحثين سؤال الهُوّيّة في دراسة تراثنا الوطني، وسافر آخرون بالحضور إلى الأبعاد الحضارية في الفكر النّقدي بالمغرب.

واهتمت ورقات ندوة اليوم الثاني العلمية ب”الخطاب الأدبي في الأندلس: الأنساق البلاغية والأبعاد الثّقافية” بدراسة مجموعة من الأعمال التي أُنجِزت في الأدب الأندلسيّ الذي يتمظهرُ في ثنائيّته الأدبية: الشّعر والنّثر معًا، حيث اختار المتدخّلون آلياتٍ وأدواتٍ تحليليّة وتفكيكيّة متنوّعة لمقاربة هذين الخِطابين، منها الأدوات السّردية والبلاغيّة والنّسقية والتّأويلية، وكذا جمالية التلقي والتّقبّل للخطاب الشّعري المشرقيّ عند نقاد الغرب الإسلاميّ قديما، وتلقّي الأدب عند بعض الدارسين المغاربة المحدَثين، وحاولتْ أخرى الكشف عن اعتصار الكتابة، والكشف عن الباتوس من نافذة الألم الذي تُولِّدُه التّعزية، كما عَنِيت أوراق أخرى بالموشّحات التي تعتبر نصًّا ناطقًا وحاملًا للّهجات العامّية التي كانت سائدة آنئذ بالأندلس.

واتجه باحثون آخرون، خلال ندوة اليوم الثاني التي أهديت أعمالها لروح الدكتور عتيقة السعدي، ونسّقَها كلٌّ من الدكتور سعيد العوادي والدكتور عبد الفتاح شهيد، (اتجهوا) إلى دراسة الثنائيات المرتبطة بالدّراسات الثقافية كثنائية المركز والهامش، والفضح والستر، والثقافة والسلطة، بينما عالجت مداخلات أخرى آلام الإبداع، وركّزت أخرى على صورة المرأة في الخطاب الشعري في بعديْها التّمثليّ والثقافيّ، وحاولت أخرى التصدّي لدراسات للشعر في امتداداته الصوفية والإنسانية.

وشكلت الندوتان تكريسا لثقافة الاعتراف والتكريم بأطر كلية اللّغة العربية بجامعة القاضي عياض بمراكش، مما يترجم هُوّيّتها المتجذّرة في الثّقافة المغربيّة، كما يُعبّر عن أصالة المحتفِين والمحتفَى بهم، وعن طبيعة العلاقات الإنسانية التي ما فتئت تجمع بينهم.

Exit mobile version