أمكار عصام
في قلب منطقة سوس، تتجلى ظاهرة “بوجلود” كأحد أبهى تعبيرات التراث الثقافي المغربي.
هذه الاحتفالية التقليدية، التي تتزامن مع عيد الأضحى المبارك، تتميز بارتداء الشباب لجلود الأضاحي والتجول في الشوارع بأجواء من الفرح والبهجة.
على الرغم من جذورها العميقة في التراث المغربي، تواجه هذه الظاهرة حملة من الاتهامات المغرضة التي تسعى إلى تشويه صورتها.
ترجع أصول ظاهرة بوجلود إلى قرون مضت، حيث ارتبطت بالاحتفالات الزراعية والطقوس الدينية.
يتمثل الاحتفال في ارتداء المشاركين جلود الأضاحي، وتزيين وجوههم بألوان زاهية، والتجول في الأحياء المحلية وسط الأغاني والرقصات الشعبية.
تُعد هذه الاحتفالية تعبيرًا عن الامتنان للنعمة الإلهية، وتجسيدًا للترابط الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت الاتهامات التي تصف ظاهرة بوجلود بالعنف والفوضى.
تُروِّج هذه الادعاءات المغرضة، التي غالبًا ما تُثار من قبل تيارات أصولية تسعى لتشويه التراث الثقافي المغربي، على أن الاحتفالات تُسبب اضطرابات وتُهدد السلامة العامة.
لكن سكان سوس والمشاركين في هذه الفعالية يؤكدون أن هذه الادعاءات بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
يحرص المنظمون على تنظيم الاحتفالات بشكل دقيق لضمان سلامة الجميع.
تُجرى الفعالية تحت إشراف كبار المنطقة، مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان النظام والأمان.
يُعتبر بوجلود مناسبة لتعزيز القيم الاجتماعية والتلاحم المجتمعي، حيث يجتمع الناس للاحتفال بتراثهم والتعبير عن هويتهم الثقافية.
تسعى التيارات الأصولية إلى تشويه صورة ظاهرة بوجلود من خلال نشر الإشاعات والادعاءات الكاذبة.
تستند هذه الحملة على معارضة ثقافة الاحتفال والفن، وترويج رؤية ضيقة على الثقافة والتقاليد.
تسعى هذه التيارات إلى فرض رؤيتها على المجتمع بأسره، متجاهلة التنوع الثقافي والغنى التراثي الذي يُميز المغرب .
تُقام احتفالات بوجلود في جو من الفرح والنظام، بعيدًا عن أي مظاهر للعنف أو الفوضى.
يتعاون سكان الأحياء مع السلطات المحلية لضمان تنظيم الاحتفال بشكل يضمن السلامة والأمان للجميع.
تُعتبر هذه الاحتفالية فرصة لتعليم الأجيال الشابة قيم التعايش والتسامح، وتعزيز الفخر بالهوية الثقافية.
إلى جانب الاحتفال، تُعد ظاهرة بوجلود جزءًا مهمًا من جهود الحفاظ على التراث الثقافي المغربي.
وتُسهم هذه التظاهرة الموسمية في نقل التقاليد من جيل إلى جيل، وتُعزز الوعي بأهمية التراث الثقافي في بناء الهوية الوطنية.
يُدرك سكان سوس أهمية الحفاظ على هذه التقاليد، ويعملون بجد لضمان استمرارها بأمان وسلام.
في مواجهة الاتهامات المغرضة، يدعو سكان سوس والمشاركون في ظاهرة بوجلود إلى الحوار ويُشددون على أهمية التواصل مع جميع مكونات المجتمع لفهم التراث الثقافي فهما عميقا .
كما يدعون إلى رفض الإشاعات المغرضة والتركيز على القيم الإيجابية التي تُجسدها هذه الاحتفالية .
تبقى ظاهرة بوجلود رمزًا للتراث الثقافي العريق في منطقة سوس، وجزءًا لا يتجزأ من الهوية المغربية.
على الرغم من التحديات والاتهامات المغرضة، يظل الاحتفال ببوجلود فرصة لتأكيد القيم الاجتماعية والاحتفاء بالتنوع الثقافي.
ويواصل سكان سوس العمل بجد للحفاظ على هذه التقاليد ونقلها بأمان للأجيال القادمة، مؤكدين أن الاتهامات بالعنف لا تعكس الحقيقة، بل تُعبر عن محاولات لتشويه التراث الثقافي المغربي الغني والمتنوع .