خريبكة تحتضن ندوة في موضوع “دور المجتمع المدني في إعمال الحق في التنمية”

المقال المغربي من بني ملال

احتضنت الخزانة الوسائطية بخريبكة، الخميس 19 أكتوبر 2023، ندوة جهوية في موضوع: دور المجتمع المدني في إعمال الحق في التنمية بين إكراهات الحاضر وتحديات المستقبل، وذلك بمشاركة فاعلين حقوقيين ومدنيين ينتمون إلى جمعيات فاعلة في الجهة.

افتتح اللقاء بكلمة لرئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة بني ملال خنيفرة، أحمد توفيق الزينبي، نوه فيها بدينامية النسيج المدني بجهة بني ملال الذي يشتغل في مجمل الحقوق التنموية خصوصا منها الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية والبيئية، حيث استطاع أن يطور تخصصات خاصة به.

وأضاف رئيس اللجنة أن المجتمع المدني بالجهة عرف خلال العقود الأخيرة تطورات كبيرة منها ما فرضته ظروف ذاتية محضة، ومنها ما حدث نتيجة للتغيرات التي طرأت على وظيفة وأدوار الدولة والجماعات الترابية. حيث أصبح المجتمع المدني، خصوصا بعد صدور دستور2011، مطالبا بلعب أدوار جديدة خصوصا تلك المتعلقة بالمساهمة في إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات العمومية عبر آليات الديموقراطية التشاركية التي أقرتها عدد من القوانين التشريعية.

قال أحمد توفيق الزينبي إن الحق في التنمية حق جماعي تمت الإشارة إليه لأول مرة سنة 1981 في المادة 22 من الميثاق الأفريقي، ليتوالى الاعتراف به بمقتضى مجموعة من المواثيق الدولية، في مقدمتها إعلان الحق في التنمية الصادر في 4 دجنبر 1986، مشيرا إلى أن التعامل مع إعلان الحق في التنمية نتيجة لفقدانه صفة الإلزامية ظل متواضعا نظرا لضعف انخراط الدول المتقدمة في إعماله خصوصا ما تعلق بالشق التضامني مع دول الجنوب.

وأضاف إلى أن مجلس حقوق الإنسان اعتمد في شتنبر 2018، القرار 39/9، الذي دعا فيه إلى صياغة معاهدة ملزمة قانونًا بشأن الحق في التنمية، تلاه بعد ذلك إعداد أوّل مسودّة عن الاتفاقية بشأن الحق في التنمية في يناير 2020، ومناقشتها في الدورة ـ54 لمجلس حقوق الإنسان المنعقد في شتنبر 2023، الذي أحالها بدوره على الجمعية العامة للأمم المتحدة للمناقشة، موضحا أنه في حال اعتمادها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، يتعين على 20 بلدًا التصديق عليها كي تدخل حيز التنفيذ.

واختتم أحمد توفيق الزينبي كلمته بأهداف الندوة والتي حددها في ثلاثة أهداف أساسية هي الوقوف على الحق في التنمية في المواثيق الدولية ومدى استحضاره وإدماجه في السياسات والبرامج العمومية المتعلقة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية؛ و إعادة قراءة مجموعة من التجارب المدنية الجهوية من زاوية المساهمة في إعمال الحق في التنمية؛ بالإضافة إلى إثراء النقاش الجهوي حول إمكانيات تطوير منهجيات وآليات لتتبع واحترام الحق في التنمية، وذلك بغية التمكن من قياس الأثر بالنظر لمرجعية حقوق الإنسان.

وتطرقت المداخلة الأولى التي قدمها سمير سعداوي ، عضو جمعية الانطلاقة بأفورار، إلى الحق في التنمية من خلال المواثيق الدولية، مشيرا إلى أن الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف أقرته مجموعة من العهود والاتفاقيات الدولية ابتداء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 إلى إعلان الحق في التنمية 1986 على الترابط.

وأضاف سمير سعداوي أن إعمال الحق في التنمية يفرض على الدول القيام بتدابير وسياسات عمومية وخطط تنموية شاملة تقتضي تعبئة الموارد المادية والبشرية المتاحة في إطار الإعمال التدريجي للحقوق.

وتناولت ليلى الخياطي، عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بني ملال خنيفرة، في المداخلة الثانية أدوار المجتمع المدني في التنمية من خلال التشريعات الوطنية والسياسات العمومية، مشيرة إلى أن دستور 2011 كرس تكامل الديموقراطية التشاركية والديمقراطية التشاركية وجعلها من أسس النظام الدستوري المغربي، حيث ضمن للمجتمع المدني في العديد من فصوله الحق في المشاركة في صنع السياسات العمومية وتنفيذها وتتبعها وتدبير الشأن العام، من خلال آليات الديموقراطية التشاركية من خلال قانوني العرائض والملتمسات ومن خلال القوانين التنظيمية للجماعات الترابية و مراسميها التطبيقية .

من جهتها تناولت سمية الأمراني عضو الائتلاف المدني للدفاع عن حقوق النساء في المداخلة الثالثة في موضوع الحركة النسائية بجهة بني ملال خنيفرة وأدوارها في التنمية، حاولت من خلالها رصد التطور التاريخي لمطالب التنظيمات النسائية بدءا من مساهمتها في الحركة الوطنية لاستقلال المغرب منذ ثلاثينيات القرن الماضي مرورا بمحطة 1975 التي تقدمت فيه 76 جمعية نسائية بملف مطلبي نسائي شامل بهدف الدفاع عن الحقوق الاجتماعية و المدنية والاقتصادية والسياسية للنساء ومناهضة كل أشكال العنف الموجهة ضدهن، قبل أن يعملن على توسيع النقاش ليصبح مجتمعيا والتدخل لدى أصحاب القرار بهدف التأثير في السياسات و القوانين المجحفة في حق النساء

وأكدت سمية الأمراني أن جهة بني ملال خنيفرة شهدت بدورها ظهور منظمات وجمعيات نسائية محلية وجهوية طرحت قضية المرأة ضمن اشتغالها الأساسي، وركزت على ضرورة وضع برامج وخطط عمل لتغيير وضعيتها والرفع من قدراتها على جميع المستويات وخصوصا في مجال التمكين الاقتصادي عبر تقوية الاستقلالية المادية للنساء و في مجال التمكين السياسي و الثقافي الحقوقي، أي إقرار الحقوق المدنية و السياسية للنساء وتوسيع تشبع النساء بها.

وأضافت سمية الأمراني أن الجمعيات النسائية بالجهة تواجه مجموعة من الإكراهات تتمثل بالأساس في محدودية الانخراط الفعلي للمجالس المنتخبة، وهيمنة العقلية الذكورية، وإقصاء وحصار بعض الجمعيات وضعف الدعم المادي للمخططات والبرامج النسائية وضعف التنسيق بين الجمعيات النسائية.

وركز محمد عاميري، الكاتب العام لجمعية الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بزاوية الشيخ، في المداخلة الرابعة على مساهمة جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة في التنمية بالجهة من زاوية التنمية الدامجة والتي تعني التنمية التي تمس على جميع فئات المجتمع سواء كانوا نساء أو رجالا، أطفالا أو شبابا أو شيوخا، في وضعية إعاقة أو من دونها.

وأشار عاميري أن جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة اشتغلت قبل الاتفاقية الدولية المتعلقة بالإعاقة بمقاربة إحسانية تكافلية تعتمد على الصدقة والإحسان وانتظار الأخر لفعل الخير، مما كرس النظرة الدونية والاتكالية وضعف الثقة في قدرات الأشخاص في وضعية إعاقة، وجعلهم عالة على الآخرين وعلى المجتمع، باستثناء حالات منفردة انخرطت في المهن والصناعة وبعد الخدمات، غير أن نظرة الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة ستتغير بعد الاتفاقية الدولية، حيث باتت تتبنى تدريجيا المقاربة الحقوقية التي نصت عليها الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وصادق عليها المغرب لتصبح روحها جزء من ترسانته الوطنية.

وأضاف عاميري أن النسيج الجمعوي الجهوي المهتم بشؤون الأشخاص في وضعية إعاقة بالجهة غير بدوره من مقاربته الإحسانية إلى مقاربة حقوقية، واندمج في مخططات ترافعية، واعتمد صيغة المشاريع بدل المنح والإحسان، مما سمح بظهور مجموعة من الجمعيات تقدم خدمات جليلة لهذه الفئة في المجالات الاجتماعية والتربوية والطبية والرياضية إلى جانب التمكين الاقتصادي فضلا عن الأدوار التقليدية الخاصة بالترافع والتحسيس وتقديم الخدمات .

وأوضح عاميري أن مساهمة جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة في التنمية بالجهة لازلت ضعيفة بالمقارنة مع جهات أخرى و تعتريها صعوبات كبيرة داعيا إلى تضافر الجهود والتعاون المؤسساتي من أجل النهوض بحقوق هذه الفئة، لتغير وضعها الاجتماعي والاقتصادي والتكويني في المستقبل.

وتناولت نور الهدى لوديني، عضو جمعية الشعلة فرع خريبكة، مساهمة الجمعيات العاملة في مجال الشباب في التنمية بالجهة من خلال مداخلة بعنوان “أدوار الجمعيات بالجهة في التنمية المندمجة للشباب، موضحة أن مفهوم التنمية المندمجة الذي يقطع مع المقاربات التنموية القطاعية الضيقة، في مقابل إدماج جميع فئات وشرائح المجتمع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية هو الخيار التنموي الأنسب لكونه يتمكين الشباب من تحسين وضعهم الاجتماعي والمشاركة في إنتاج الثروة الوطنية.

وأضافت نور الهدي لوديني أن الجمعيات العاملة في مجال الشباب بجهة بني ملال خنيفرة استطاعت الانخراط في التنمية المندمجة بشراكة مع مؤسسات وطنية ودولية وتمكنت من إنجاز العديد من البرامج التي تروم التمكين الاقتصادي للشباب وتعزيز مشاركتهم في تدبير الشأن المحلي، غير أن هذه الجهود تصطدم بعدة عراقيل وصعوبات تحد من فعلية مشاركة إدماج الشباب في التنمية الشاملة، داعية إلى تفعيل الأدوار الجديدة للمجتمع المدني كما نص على ذلك دستور 2011 ذات العلاقة بالموضوع.

Exit mobile version