“حق الملح” في آخر شهر رمضان الفضيل .. طقس مغربي يقدر جهود النساء

هي قيمة من قيم المغاربة الأصيلة، متأصلة في الثقافة المغربية، تحيل على أخلاق الكرم والعطاء والوفاء والتوادد بين مكونات المجتمع عامة وبين أفراد الأسر .. تحمل تسمية “حق الملح” أو “التكبيرة” كما يطلق عليها البعض.

“حق الملح” عادة مغربية يكتنفها اعتراف وتقدير لتضحيات النساء خلال شهر رمضان، حيث يقدم رجال الأسرة هدايا لهن أواخر شهر رمضان الفضيل أو صبيحة يوم العيد كنوع من العرفان.

علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، قال إن “حق الملح” ممارسة تدخل في إطار التوادد والتعاطف، وتنهل من ثقافة قديمة عند المغاربة، حتى قبل دخول الإسلام، قوامها تعاطف الناس مع بعضهم البعض وتوطيد العلاقات بينهم.

شرْكْنَا الملح والطعام، يضيف الشعباني، فلسفة وسلوك يحيل على دور مشاركة وتقديم الطعام وفق العادات المغربية في توطيد الأفراد، “فالطعام يسري في الجسم وفي الدماء، ومعنى ذلك أن دماء المشتركين والموحدين على مائدة واحدة امتزجت بالطعام نفسه فأصبحوا كتلة واحدة”.

وشدد الشعباني على أهمية طقس تقديم الطعام وفق العادات المغربية، وامتداد معانيه إلى القيم التي تجمع المجتمع، حيث إن “ثقافة المغاربة الأصيلة تختلف عن العادات الغربية، فنحن نأكل في صحن واحد ونشترك فيه، وفق المثل القائل: اللي ياكلوه زوج يدين ياكلوه عشرة، وهو دليل على الوحدة، وشركنا الطعام معناه أن بيننا مودة واحتراما، وكما كان مفعول الطعام في جسد أحدهم سيكون أثره على باقي من شاركوا في الوليمة”.

و أفاد الباحث ذاته أن هذه العادة لا تزال حية، وأن بعض الأئمة في المساجد يذكرون المصلين بالحفاظ عليها، مشيرا إلى أن هناك من يقدم لزوجته قطعة ذهبية أو فضية أو يهديها عمرة وكل ما من شأنه إدخال السرور عليها.

جدير بالذكر أن هذه العادة عرفت عند جميع سكان شمال إفريقيا؛ لهذا نجد أن هناك اختلافا في التسمية بين الدول المجاورة كالجزائر وتونس وليبيا، فهناك من يطلق عليها “حق الملح” أو “حق الطعام” أو “التكبيرة”. وعلى الرغم من الاختلاف في التسمية فإن مضمونها يظل نفسه.

 

Exit mobile version