عمر الشرقاوي – المقال المغربي
تشبت غريق بغارقين فغرقوا، هذا هو المثل الذي يمكن ان ينطبق على استقبال رئيس النظام الجزائري تبون لكل من رئيس السلطة الفلسطينية والرئيس التونسي ورئيس جبهة البوليساريو الانفصالية بمناسبة ذكرى استقلال الجارة الشرقية الذي ساهم فيه المغرب بنصيب مقدر لا احد يستطيع نكرانه حتى من داخل النظام الحاكم نفسه، لكن طبيعة الانظمة الجاحدة كما هي عادتها، تأبى الاعتراف بالواجب والجميل. لذلك فإن هذا اللقاء الفلكلوري لا يعبر في حقيقته إلاّ عن منطق العقوق والجحود والنكران والطيش السياسي، الذي سيطر على هؤلاء الذين انقلبوا على كل الخدمات التي قدمها لهم المغرب، وانقلبوا على الثوابت العربية، وانقلبوا على مبادئ حسن الجوار، وانساقوا وراء الأوهام والمطامع البترولية المادية.
والحقيقة الساطعة ان النظام الجزائري يحاول أن ينشط بطرق وأساليب ملتوية لأجل البحث عن شرعيته الديبلوماسية التي دمرت وتلاشت تماماً في الآونة الأخيرة، بعد الضربات القاتلة التي أصابت الأطروحة الانفصالية، والتحام مجموع الأمة العربية مع الموقف المغربي وسيادته ووحدة أراضيه، وأصبح الهم الأكبر لنظام الكابرانات هو السعي إلى إثبات وتثبيت شرعيته الديبلوماسية المتآكلة، والسبب في ذلك هو ما احتوته المواقف الدولية والأممية من تأييد واضح للاطروحة المغربية الواقعية والجدية، التي زادت من عزلة النظام الجزائري ديبلوماسيا وسياسيا على المستوى الإقليمي والعالمي.
والواضح ان الهدف من طقوس الاحتفال بعيد استقلال الجزائر ومن الصور التي نشرتها آلة البروباغندا العسكرية، ان النظام العسكري يبحث بأي طريقة للخروج من حالة الاختناق الديبلوماسي لو عن طريق الركوب على قضايا شعوب اخرى لا سيما الشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة لدى كل العرب. فبعدما خسر نظام الكابرانات كل أوراقهم الديبلوماسية والعسكرية لم يجدوا سوى ورقة القضية الفلسطينية من اجل الاتجار بها لاسترجاع بعض الرأسمال المهدور في بورصة الدسائس وسوق التدليس الاعلامي.
والمؤسف حقا أن تجد الرئيس الفلسطيني جالسا في مقعد بجانب زعيم حركة تطالب بتقسيم الدولة المغربية، التي لا تترك أي فرصة للدفاع عن وحدة الفلسطينيين وحقهم الشرعي في إقامة دولتهم المستقلة، وما هو مثير للغثيان حقا، أن يشعر الرئيس التونسي وهو جالس في المنصة بارتياح ضمير وهو الرئيس الذي يتباهى خطابه العنتري بالوحدة العربية، وينسى أن أول ملك ورئيس دولة خاطر بأمنه الشخصي وزار العاصمة التونسية في قلب ثورتها وعدم استقرارها هو الملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد.
لكن خلاصة هاته الحركة البهلوانية تشير إلى وجود إحباط ويأس عام داخل النظام الجزائري، نتيجة تخبط قراراته ومواقفه الديبلوماسية وأخطائه السياسية التي أغرقت شمال أفريقيا بالأزمات والمشاكل، الأمر الذي يثبت أن عسكر الجزائر في مرحلة الشعور بالهزيمة، ولم يعد أمامهم أي خيار آخر سوى الخضوع للتوجه العالمي، غير أنه نظام يفضل رقصة الديك المذبوح التي يحاول من خلالها الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه، بعدما أصبح يعاني من عزلة متزايدة ويغرق في الأزمات والمشاكل من كل الجوانب، حتى بات قاب قوسين أو أدنى من الجنون.