المجتمع المدني بخريبكة بين الاسترزاق والاختصاص

بقلم نورالدين ثلاج 

لا تزال مدينة خريبكة تعيش فوضى تضارب مجالات اشتغال جمعيات وفعاليات المجتمع المدني، وتطاول بعضها على مجالات تتطلب مختصين، خاصة مجال الطفولة والشباب والمرأة؛ تربية وتكوينا وتأطيرا، باعتبارها (المجالات) قاطرة التنمية المنشودة.

تفرخت في السنوات الأخيرة المئات من الجمعيات والمراكز المهتمة بمجال الطفولة والمرأة والشباب، واختارت تنظيم حملات تحسيسية وقوافل طبية وأخرى للدعم التربوي والتكوين دون أن تكون لها دراية بالمجال الصحي والتربوي، أو تضم عنصرا ينتمي للقطاع الذي حشرت أنفها فيه، الأمر الذي سيعود بالسلب على الفئات المستهدفة، وينعدم الأثر عليها بالرغم من تحصل السواد الأعظم من هذه الجمعيات والمراكز على دعم عمومي سخي، إذ تحولت طلبات الدعم إلى استرزاق واستفادة شخصية دون أن يكون لبرامجها أثر الإيجابي على الفرد والمجتمع، وبالتالي تراجع الثقة في المجتمع المدني الذي يراهن عليه من أجل التوعية والتحسيس ونشر ثقافة المواطنة والمساهمة في التنمية.

وأمام زحف جمعيات استرزاقية، أصبح من اللازم على الجهات المانحة للدعم العمومي الحذر منها، ودراسة متأنية لملفات الدعم التي تهم الطفولة والشباب والمرأة المعنفة، سواء من ناحية التربية والتكوين أو الدعم التربوي أو النفسي أو الاجتماعي، أو تلك المهتمة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو معالجة الإدمان بشتى أنواعه، حيث يقتضي الأمر تسليم هذه الفئات لذوي الاختصاص من خبراء في التربية والتكوين (أساتذة، مديرون، مفتشون، مختصون في علم النفس والاجتماع والسلوك، وأطباء من ذوي الاختصاص والخبرة…) حتى يكون لهذا الدعم مردود ويستفيد منه الفرد والمجتمع، وبالتالي تدبير الموارد المالية المرصودة لهذا العمل دون تبذيرها.

 وتطالب فعاليات تنشط في مجال التربية والتكوين والصحة بإبعاد المتطفلين عن هذين المجالين نظرا لحساسيتهما، والتركيز على الاختصاص باعتباره محورا أساسيا لأي جمعية تسعى لتقديم خدماتها للمجتمع، فضلا على ضرورة تدخل القانون لمنع الجمعيات التي تفتقر إلى الكفاءة في مجال عملها، حماية للمجتمع من الخطر الذي سيتهدد الأجيال القادمة.

 

Exit mobile version