الذكاء الاصطناعي وعلاقاته باللغة العربية والتعليم

‎ يشكل  كتاب ( الذكاء الاصطناعي، رؤى متعددة الاختصاصات) إضافة جديدة للنقاش المستجد والمتسارع في هذا المجال لتبديد الكثير من الغموض وحل بعض الإشكالات الفنية. ويعد هذا التأليف الجماعي حصيلة أعمال مجموعة من الباحثين المتخصصين، ضمن منشورات ورعاية المركز الديمقراطي العربي في ألمانيا – برلين، وإشراف وتنسيق أميرة سابق؛ ومما يقاربه ما شهدته السنوات الأخيرة  من تطورات ملموسة في مجال التكنولوجيا،  والتي أدت إلى تغييرات جذرية في مختلف مجالات الحياة..إذْ ساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في هذا التحول من خلال قدرته على محاكاة عمليات العقل البشري، وتوفيره  لفرص حقيقية للتعلم والبحث العلمي، لكنه قد يؤثر على العلاقات الاجتماعية والثقافية. ومن المهم حماية البيانات الشخصية وضمان عدم المساس بحقوق الملكية الفكرية،كما يتعين دراسة التأثيرات على الصحة النفسية للإنسان وتحليل التحولات الاجتماعية.

وبشكل عام، يتطلب الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي بأمان السيطرة على آثاره في المجتمع.

‎هناك عدد من التدابير القانونية والتنظيمية المهمة لحوكمة الأنظمة ومواجهة الهجمات السيبرانية:

أولا: إصدار قوانين تجريم الهجمات السيبرانية وتحديد العقوبات الرادعة؛

ثانيا: فرض المسؤولية القانونية على الجهات الحكومية والقطاع الخاص للحفاظ على أمن النظم وحماية البيانات؛

ثالثا: إنشاء هيئات تنظيمية ووكالات حكومية متخصصة بشؤون الأمن السيبراني؛

رابعا: إجراء تدريبات وتمارين للاستجابة لحالات الطوارئ والكوارث الإلكترونية؛

خامسا: تبادل المعلومات والمعارف بين الدول حول تهديدات السيبر وأفضل الممارسات؛

سادسا: التعاون عبر الحدود في مجالات التحقيق وملاحقة مرتكبي الهجمات؛

سابعا: إصدار معايير ولوائح تضمن حماية البيانات والبنى التحتية عبر مواءمة الأنظمة.

‎ إن الحديث عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي للغة العربية مازالت في مهدها مقارنة بلغات أخرى، بسبب خصوصيات هذه اللغة مثل ترابط الحروف وكثرة الأبنية. ومع ذلك فقد بدأ استخدام تقنيات معالجة اللغة مثل الترجمة والتعرف على الكلام ، وتعمل مؤسسات بحثية على تطوير برامج لمعالجة اللغة العربية ورفع كفاءتها، باستخدام تقنيات حديثة مثل المحاكاة الصوتية والتعلم العميق، ونظرا لأهمية هذه اللغة، فإن دعم البحث في هذا المضمار سيسهم في رفع مستوى تقنيات الذكاء الاصطناعي للتعامل معها.

 من الأفكار الأخرى التي عالجتها المقالات، تتعدد  رؤى الذكاء الاصطناعي من منظور علم النفس، خصوصا حينما يتعلق الأمر بالعقل البشري وعمليات التفكير، حيث يمكن للباحثين استكشاف كيفية عمل العقل من خلال بناء نماذج من الذكاء الاصطناعي  تكون نافذة لفهم آليات عمل هذا العقل ؛ ذلك أن  تصميم خوارزميات ونماذج ذكية على الحاسوب تمكن من معرفة كيفية معالجة المعلومات واتخاذ القرارات لدى الإنسان. فعند تصميم برامج قادرة على حل مشكلات أو أداء مهمات معينة، يتاح لعلماء النفس مراقبة العوامل المعرفية ذات الصلة، كما يتيح ذلك فرصة اختبار النظريات المتعلقة بكيفية التعلم والتفكير عند البشر.

 أما من منظور علوم الكمبيوتر، فيمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي مجالا لتطوير خوارزميات قادرة على حل المشكلات بشكل مشابه للبشر. مثلما يُتاح تطبيق هذه الخوارزميات على مجموعة واسعة من المهام مثل التعرف على الصوت والرؤية الحاسوبية والترجمة الآلية. أما المنظور الأخلاقي، فيطرح تساؤلا حول كيفية ضمان أمن الذكاء الاصطناعي ومراعاته للقيم الإنسانية، والتركيز على  تنمية الإبداع لتحسين جودة التعلم وتطوير عملية التدريس بفضل هذه الوسائل السحرية الجديدة.

‎يمكن تقسيم التطور التاريخي للذكاء الاصطناعي في علاقته بالتعلم إلى عدة مراحل رئيسية:

– المرحلة الأولى (قبل عام 1956): تعتبر مرحلة الأفكار الأولية حيث تمت مناقشة فكرة إمكانية خلق ذكاء اصطناعي عبر بعض المؤلفات الأدبية والأفلام.

– مرحلة دراسة الذكاء الاصطناعي (1956-1974): شهدت تأسيس أول مختبر للذكاء الاصطناعي في العالم في جامعة ستانفورد عام 1956. وتم تطوير العديد من التقنيات الأولية في هذه الفترة.

– مرحلة الشتات والكساد (1974-1980): شهدت تباطؤ في تمويل الأبحاث بسبب عدم تحقيق النتائج المتوقعة بسرعة كافية.

– عودة الاهتمام (1981-1992): عاد الاهتمام من جديد بعد ظهور تقنيات جديدة مثل شبكات الآلات.

– عصر التفوق (منذ 1993): شهد تقدماً كبيراً بفضل تطور تقنيات مثل التعلم العميق والرؤية الحاسوبية وتحقيق نتائج تجارية في مجالات متنوعة.

‎ إن  استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع التعليمي يضفي  قيمة هامة للعملية التعليمية، حيث توفر هذه التطبيقات بيئة تعليمية تفاعلية ومرنة تمكن من تلبية احتياجات كل طالب بشكل فردي.. فهي تقوم بتقديم محتوى متخصص وأنشطة تكيفية تساعد الطلاب على اكتساب المهارات والمعارف بصورة أكثر فاعلية. كما تسهم تلك التطبيقات في تزويد المعلمين بأدوات تعليمية تمكنهم من تصميم دروس تفاعلية وابتكار طرق تدريس حديثة. وقد أثبتت الدراسات السابقة فاعلية استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في تعزيز مهارات التعلم ورفع مستويات أداء الطلاب،كما يمكن له أن يسهم في تعزيز جودة التعليم وتنمية المهارات الحيوية للمتعلمين، بدعم عملية التعلم الذاتي من خلال تزويد المتعلمين بالمحتوى التكيفي والأنشطة المدعومة تكنولوجياً؛ مما يساعدهم على تنمية مهارات حل المشكلات المعقدة والتفكير الناقد

عائشة بوزرار

‎باحثة بماستر الإعلام الجديد و التسويق الرقمي _جامعة ابن طفيل – القنيطرة

Exit mobile version