اختتام دورة حج الفقير بمولاي بوعزة دفاعا عن الذاكرة بوصفها حياة مشتركة

المقال المغربي- متابعة

فوق قمة جبل إيروكان حيث يرقد أبو يعزى يلنور الشهير بمولاي بوعزة منذ 848 سنة، ما زالت أعداد هائلة من ركوب الزوار يحجون إليه من كل أطراف المغرب وجهاته ببواديها وحواضرها، مؤكدة جميعها على مكانة الرجل بين الناس بما كان يميزه عن أهله زمانه من حكمة ورجاحة عقل، وما كان عليه من قيم يسيدها فوق كل الاعتبارات والمشاكل، قيم التضامن والتضحية والمحبة والعطاء والدعوة إلى التسامح.
ونحو هذا الفضاء ووسط جو احتفالي بميراث من البهجة المغربية، عقد مختبر السرديات ندوة علمية في اللقاء الختامي لسبعة أيام من البحث العلمي والعرض والتداول والمناقشة، للملتقى العشرون للذاكرة والموروث الثقافي، بحضور كثيف لأعداد من الباحثين والمهتمين والرواة والزائرين لموسم مولاي بوعزة، وبمشاركة باحثين متخصصين في التاريخ والثقافة والمجتمع.

نسق أشغال هذا اللقاء إبراهيم أزوغ الذي مهد بورقة مفصلة للمشروع وأهدافه ونتائجه، وبعد ذلك افتتحت الجلسة الافتتاحية بكلمة المجلس الجماعي لمولاي بوعزة الترحيبية من إلقاء كاتب المجلس محمد بن قصاوي ،وكلمة عصام أبا الحسن منسقا لانعقاد اللقاء بمولاي بوعزة، ثم كلمة شعيب حليفي التي جاءت رسالة مفتوحة إلى مولاي بوعزة وزواره وإلى الباحث والمثقف المغربي حول دواعي وخلفيات انعقاد الملتقى وأهدافه التي ترتكز في تسيد المعرفة والاعتزاز بالموروث الثقافي وتثمينه وتشجيع البحث العلمي للعبور به من دائرة الاندثار والتلاشي إلى التوثيق والدراسة.

في الجلسة الثانية المخصصة للمداخلات العلمية للقاء، تتدخل كريم الجيلالي مبرزا ما يميز التصوف المغربي في القرن السادس الهجري من خصائص، مؤكدا على مكانة أبي يعزى في زمنه، وركز عصام أبا الحسن في ورقته عن ما كان لأبي يعزى من سلطة روحية ورمزية لدى عموم الناس بما كان عليه من أخلاق ومجاهدة للنفس وترويض لها على المقاومة لعواصف الزمن ومتاعبه، فيما خصص جواد التباعي، الذي صدر له كتاب في الموضوع، ورقة لتقديم لمحة تاريخية حول زمن أبي يعزى، وبعد ذلك قراءة في معمار ضريح أبي يعزى، واختتمت الجلسة العلمية بورقة محمد السعداني التي خصصها لبيان المقاصد الأخلاقية والتربوية للتصوف عند أبي يعزى ودورها في إصلاح المجتمع.

أما الجلسة الثالثة فكانت الكلمة فيها للرواة من العارفين المتابعين سنويا لتفاصيل الموسم الاحتفالي بذكرى أبو يعزى، وقد استفاض أحمد الدراوي وصالح الحبشي في الحديث عن الموسم وطقوسه وزواره، مما عاشوه وسمعوه .

واختتم الملتقى بتوصيات أهم ما جاء فيها الدعوة الى الانكباب على دراسة الموروث الثقافي المغربي بمنظورات علمية مختلفة، وعقد المزيد من الندوات حول الموروث الثقافي المغربي بمولاي بوعزة، وإحياء دور المدرسة العتيقة واستعادة ما كان بخزانتها من مخطوطات وكتب لتؤدي دورها في الوعي وتقليص مساحات الأمية والجهل الذي لا علاقة له بتراثنا وأعلامه من الصلحاء والعلماء والمجاهدين.

عن مختبر السرديات بالدار البيضاء.

Exit mobile version